في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمۡۗ أَلَآ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٖ مُّحِيطُۢ} (54)

37

( ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ) . .

ومن ثم يقع ما يقع منهم ، بسبب هذا الشك في اللقاء . وهو أكيد .

( ألا إنه بكل شيء محيط ) . .

فأين يذهبون عن لقائه وهو بكل شيء محيط ?

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمۡۗ أَلَآ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٖ مُّحِيطُۢ} (54)

المفردات :

مرية : شك وريبة من القيامة والبعث .

بكل شيء محيط : إحاطة تامة ، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .

التفسير :

54- { ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط } .

وتختم السورة بهذا الختام القوي ، الجامع لشبهات الكافرين ، وإحاطة علم الله رب العالمين .

ومعنى الآية :

إن هؤلاء الكافرين في شك شديد من لقاء ربهم ، حيث إنهم يستبعدون البعث والحشر والحساب والجزاء ، ويرون أن هذه الأجسام تتفتت وتبلى ، وبعيد أن تحيا مرة أخرى .

{ ألا إنه بكل شيء محيط } .

فالله مطلع عليهم ، وسيجازيهم على أعمالهم ، والله يحيط علمه بكل ذرات الأجسام ، وهو قادر على إحيائها مرة أخرى كما أوجدها من العدم .

قال تعالى : { وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } . ( يس : 78 ، 79 ) .

وقال تعالى : { كما بدأكم تعودون } . ( الأعراف : 29 ) .

رأيان لعلماء التوحيد

علماء التوحيد على رأيين :

أحدهما : أن الله يحيي الموتى ، ويبعثهم بعد جمع ما تفرق من أجزائهم الأصلية .

الثاني : أن الله تعالى يعيد الخلائق بخلق جديد ، لأن أجزاءهم دخلت بعد تحللها في تكوين خلائق أخرى ، جيلا بعد جيل .

ويقولون : إن النعيم والعذاب للروح ، أما الجسد فهو وعاؤها ، والكسب إنما هو بها لا بوعائها ، فلولا الروح لما استطاع الجسد أن يعمل شيئا ، وفي منظومة فنية في علم التوحيد يقول صاحب الجوهرة :

وقل : يعاد الجسم بالتحقيق *** عن عدم ، وقيل : عن تفريق

ختام السورة:

خلاصة ما اشتملت عليه سورة فصلت

1- وصف الكتاب الكريم .

2- إعراض المشركين عن تدبره .

3- عقوبة المشركين ، ومثوبة المؤمنين .

4- خلق الأرض في يومين ، وخلق البحار والأنهار والأشجار في مجموع أربعة أيام ، وخلق السماء في يومين ، فالمجموع ستة أيام .

5- إقامة الأدلة على الوحدانية .

6- قصة عاد وثمود ، وتهديد المشركين بمثل ما نزل بهم .

7- شهادة الجوارح يوم القيامة على الإنسان .

8- ما يفعله قرناء السوء من التضليل والصد عن سبيل الله .

9- إعراض الكفار عن سماع القرآن .

10- ألوان العذاب الذي يصيب الكافرين يوم القيامة .

11- ما يلقاه المؤمنون من الكرامة عند خروج أرواحهم .

12- فن الدعوة إلى الله .

13- مقابلة الإساءة بالإحسان .

14- دلائل الإيمان في نزول المطر ، وحياة الأرض بعد موتها ، وكذلك يحيي الله الموتى يوم القيامة .

15- عربية القرآن ، بسبب عربية المرسل إليهم .

16- علم الساعة عند الله .

17- من طبع الإنسان التكبر عند الرخاء ، والتضرع عن البأساء .

18- آيات الله في الآفاق وفي الأنفس الدالة على وحدانيته وقدرته .

19- شك المشركين في البعث والنشور ، ثم الرد عليهم .

11 عجبا لأمر المؤمن :

أخرجه مسلم ( 2999 ) واللفظ له ، وأحمد ( 18455 ، 18460 ، 23406 ، 23412 ) والدارمي ( 2777 ) ، من حديث صهيب بن سنان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خير له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) .

2 عجبا لأمر المؤمن :

أخرجه مسلم ( 2999 ) واللفظ له ، وأحمد ( 18455 ، 18460 ، 23406 ، 23412 ) والدارمي ( 2777 ) ، من حديث صهيب بن سنان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خير له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمۡۗ أَلَآ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٖ مُّحِيطُۢ} (54)

ثم بين الله سببَ عنادهم واستكبارهم بعد كل ما تقدم من حججٍ وبيّنات فقال في الختام :

{ أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطُ } .

إنهم في شك عظيم من البعث والجزاء ولقاء ربهم ، ولذلك كفروا ، والله تعالى محيطٌ بكل صغير وكبير ، لا يفوته شيء في هذا الكون الكبير ، وإليه مردّ الجميع .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمۡۗ أَلَآ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٖ مُّحِيطُۢ} (54)

" ألا إنهم في مرية " أي في شك " من لقاء ربهم " في الآخرة . وقال السدي : أي من البعث . " ألا إنه بكل شيء محيط " أي أحاط علمه بكل شيء . قاله السدي . وقال الكلبي : أحاطت قدرته بكل شيء . وقال الخطابي : هو الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه ، وهو الذي أحاط بكل شيء علما ، وأحصى كل شيء عددا . وهذا الاسم أكثر ما يجيء في معرض الوعيد ، وحقيقته الإحاطة بكل شيء ، واستئصال المحاط به ، وأصله محيط نقلت حركة الياء إلى الحاء فسكنت . يقال منه : أحاط يحيط إحاطة وحيطة ، ومن ذلك حائط الدار ، يحوطها أهلها . وأحاطت الخيل بفلان : إذا أخذ مأخذا حاصرا من كل جهة ، ومنه قوله تعالى : " وأحيط بثمره " [ الكهف : 42 ] والله أعلم بصواب ذلك .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمۡۗ أَلَآ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٖ مُّحِيطُۢ} (54)

ولما لم يبق بعد هذا لمتعنت مقال ، ولا شبهة أصلاً لضال ، كان موضع المناداة على من استمر على عناده بقوله مؤكداً لادعائهم إنهم على جلية من أمرهم ، { ألا إنهم } أي الكفرة { في مرية } أي جحد وجدال وشك وضلال على العبث { من لقاء } وصرف القول إلى إضافة وصف الإحسان إليهم إشارة إلى أنه لا بد من كمال تربيتهم بالبعث لأنه أحكم الحاكمين فقال : { ربهم } أي المحسن إليهم بأن خلقهم ورزقهم للحساب والجزاء بالثواب والعقاب كما هو شأن كل حكيم فيمن تحت أمره .

ولما كانوا مظهرين الشك في القدرة على البعث ، قرره إيمانهم معترفون به من قدرته على كل شيء من البعث وغيره فقال : { ألا إنه } أي هذا المحسن إليهم { بكل شيء } أي من الأشياء جملها وتفاصيلها كلياتها وجزئياتها أصولها وفروعها غيبتها وشهادتها ملكها وملكوتها { محيط * } قدرة وعلماً من كثير الأشياء وقليلها كليها وجزئيها ، فعما قليل يجمعهم على الحق ويبدلهم بالمرية إذعاناً وبالشك يقيناً وبرهاناً ، فرحمته عامة لجميع أهل الوجود وخاصة لمن منَّ عليه بالإيمان الموصل إلى راحة الأمان ، فكيف يتصور في عقل أن يترك البعث ليوم الفصل الذي هو مدار الحكمة ، ومحط إظهار النعمة والنقمة ، وقد علم بذلك انطباق آخرها المادح للكتاب المقرر للبعث والحساب على أولها المفصل للقرآن المفيض لقسمي الرحمة : العامة والخاصة لأهل الأكوان ، على ما اقتضاه العدل والإحسان ، بالبشارة لأهل الإيمان ، والنذارة لأهل الطغيان - والله الهادي وعليه التكلان .

ختام السورة:

وقد علم بذلك انطباق آخرها المادح للكتاب المقرر للبعث والحساب على أولها المفصل للقرآن المفيض لقسمي الرحمة : العامة والخاصة لأهل الأكوان ، على ما اقتضاه العدل والإحسان ، بالبشارة لأهل الإيمان ، والنذارة لأهل الطغيان - والله الهادي وعليه التكلان .