في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رِّزۡقٗا لِّلۡعِبَادِۖ وَأَحۡيَيۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗاۚ كَذَٰلِكَ ٱلۡخُرُوجُ} (11)

1

ويلمس القلوب وهو يمتن عليها بالماء والجنات والحب والنخل والطلع : ( رزقا للعباد ) . . رزقا يسوق الله سببه ، ويتولى نبته ، ويطلع ثمره ، للعباد ، وهو المولى ، وهم لا يقدرون ولا يشكرون !

وهنا ينتهي بموكب الكون كله إلى الهدف الأخير :

( وأحيينا به بلدة ميتا . كذلك الخروج ) . .

فهي عملية دائمة التكرار فيما حولهم ، مألوفة لهم ؛ ولكنهم لا ينتبهون إليها ولا يلحظونها قبل الاعتراض والتعجيب . . كذلك الخروج . . على هذه الوتيرة ، وبهذه السهولة . . الآن يقولها وقد حشد لها من الإيقاعات الكونية على القلب البشري ذلك الحشد الطويل الجميل المؤثر الموحي لكل قلب منيب . . وكذلك يعالج القلوب خالق القلوب . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{رِّزۡقٗا لِّلۡعِبَادِۖ وَأَحۡيَيۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗاۚ كَذَٰلِكَ ٱلۡخُرُوجُ} (11)

6

المفردات :

كذلك الخروج : مثل ذلك خروجكم للبعث من قبوركم .

التفسير :

11- { رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج } .

أنبتنا كل ذلك رزقا للعباد ، ونفعا لهم وتيسيرا لحياتهم ، وأحيينا بهذا الماء أرضا ميتة ، جعلناها تهتز وترتفع بالنبات ، وتثمر من كل زوج بهيج ، وكما أحيا الله الأرض بعد موتها بالماء فإنه سبحانه بقدرته يبعث الإنسان ويحييه بعد الموت .

والآيات لوحة هادفة في منظرها ونظامها وإبداعها ، وقد ذكر الإمام الرازي أن الله تعالى ذكر في كل آية ثلاثة أمور متناسبة :

ففي آية السماء ذكر البناء والتزيين وسد الفروج ، وفي آية الأرض ذكر المد وإلقاء الرواسي والإنبات فيها ، وكل واحد هنا في مقابلة واحد مما سبق ، فالمد في مقابلة البناء ، لأن المد وضع ، والبناء رفع ، والرواسي في الأرض ثابتة ، والكواكب مركوزة مزينة للسماء ، والإنبات في الأرض شقها ، في مقابل أن السماء سقف ليس به شقوق ، وفي آية المطر إنبات الجنات والحب والنخل ، وهذه الأمور الثلاثة إشارة إلى الأجناس الثلاثة ، وهي ما له أصل ثابت يستمر مكثه في الأرض سنين وهو النخيل ، وما ليس له أصل ثابت مما لا يطول مكثه في الأرض وهو الحب الذي يتجدد كل سنة ، وما يجتمع فيه الأمران وهو البساتين ، وهذه الأنواع تشمل مختلف الثمار والزروع .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{رِّزۡقٗا لِّلۡعِبَادِۖ وَأَحۡيَيۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗاۚ كَذَٰلِكَ ٱلۡخُرُوجُ} (11)

كذلك الخروج : مثلَ ما ننبت النباتَ ، كذلك نخرجكم من قبوركم .

وكما أنزلنا الماء من السماء وأحيينا به الأرض ، كذلك نُخرجكم أيها الناس من قبوركم ونبعثكم حياة أخرى . { كَذَلِكَ الخروج } .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{رِّزۡقٗا لِّلۡعِبَادِۖ وَأَحۡيَيۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗاۚ كَذَٰلِكَ ٱلۡخُرُوجُ} (11)

" رزقا للعباد " أي رزقناهم رزقا ، أو على معنى أنبتناها رزقا ؛ لأن الإنبات في معنى الرزق ، أو على أنه مفعول له أي أنبتناها لرزقهم ، والرزق ما كان مهيأ للانتفاع به . وقد تقدم القول فيه{[14154]} . " وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج " أي من القبور أي كما أحيا الله هذه الأرض الميتة فكذلك يخرجكم أحياء بعد موتكم ، فالكاف في محل رفع على الابتداء . وقد مضى هذا المعنى في غير موضع{[14155]} . وقال " ميتا " لأن المقصود المكان ولو قال ميتة لجاز .


[14154]:راجع جـ 1 ص 177 وص 211.
[14155]:راجع جـ 1 ص 177 وص 211.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{رِّزۡقٗا لِّلۡعِبَادِۖ وَأَحۡيَيۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗاۚ كَذَٰلِكَ ٱلۡخُرُوجُ} (11)

ولما ذكر سبحانه بعض ما له في الماء من العظمة ، ذكر له علة هي غاية في المنة على الخلق فقال : { رزقاً للعباد } أي أنبتنا به ذلك لأجل أنه بعض ما جعلناه رزقهم .

ولما كان ذلك أعظم مذكر للبصراء بالبعث ولجميع صفات الكمال ، أتبعه ما له من التذكير بالبعث بخصوصه فقال : { وأحيينا به } أي الماء بعظمتنا { بلدة } وسمها بالتاء إشارة إلى أنها في غاية الضعف والحاجة إلى الثبات والخلو عنه ، وذكر قوله : { ميتاً } للزيادة في تقرير تمكن الحاجة فيها . ولما كان هذا خاصة من أوضح أدلة البعث ، قال على سبيل النتيجة : { كذلك } أي مثل هذا الإخراج العظيم { الخروج * } الذي هو لعظمته كأنه مختص بهذا المعنى ، وهو بعث{[61112]} الموتى من قبورهم على ما كانوا عليه في الدنيا ، لا فرق بين خروج النبات بعد ما تهشم في الأرض وصار تراباً كما كان من بين أصفره وأبيضه-{[61113]} وأحمره {[61114]}وأخضره{[61115]} وأزرقه إلى غير ذلك ، وبين إخراج ما تفتت من الموتى كما كانوا في الدنيا ، قال أبو حيان{[61116]} : ذكر تعالى في السماء ثلاثة : البناء والتزيين ونفي الفروج ، وفي الأرض ثلاثة : المد وإلقاء الرواسي والإنبات ، قابل المد بالبناء لأن المد وضع والبناء رفع ، وإلقاء الرواسي بالتزيين بالكواكب لارتكاز كل واحد منها - أي على سطح ما هو فيه ، والإنبات المترتب على الشق بانتفاء الفروج ، فلا شق فيها ، ونبه فيما تعلق به الإنبات على ما يقطف كل سنة ويبقى أصله ، وما يزرع كل سنة أو سنتين ويقطف كل سنة ، وعلى ما اختلط من جنسين ، فبعض الثمار فاكهة لا قوت ، وأكثر الزرع قوت والثمر فاكهة وقوت .


[61112]:من مد، وفي الأصل: بعض.
[61113]:زيد من مد.
[61114]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[61115]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[61116]:راجع البحر المحيط 8/122.