في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٖ جَبَّارٖ} (35)

21

ثم يشتد في مواجهتهم بمقت الله ومقت المؤمنين لمن يجادل في آيات الله بغير حجة ولا برهان . وهم يفعلون هذا في أبشع صورة . ويندد بالتكبر والتجبر ، وينذر بطمس الله لقلوب المتكبرين المتجبرين !

( الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا . كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار ) . .

والتعبير على لسان الرجل المؤمن يكاد يكون طبق الأصل من التعبير المباشر في مطالع السورة . المقت للمجادلين في آيات الله بغير برهان ، والإضلال للمتكبرين المتجبرين حتى ما يبقى في قلوبهم موضع للهدى ، ولا منفذ للإدراك .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٖ جَبَّارٖ} (35)

29

المفردات :

سلطان : حجة قوية وبرهان ظاهر .

كبر مقتا عند الله : عظم جدالهم بغضا عند الله .

كذلك يطبع الله : كما ختم الله على قلوب هؤلاء المجادلين ، فكذلك يختم على كل قلب متكبر جبار ، حتى لا يعقل الرشاد ولا يقبل الحق .

التفسير :

35- الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على قلب متكبر جبار } .

كأني بمؤمن آل فرعون وقد حرص على هداية قومه واستمالتهم ، فقدم لهم عددا من الأدلة والبراهين تحثهم على الإيمان برسول الله موسى ، فهو يخوفهم بطش الله حينا ، ويذكّرهم بما أصاب المكذبين للرسل حينا ، ويذكرهم بأهوال القيامة حينا ثالثا ، وبسيرة يوسف الصديق مع أجدادهم ، وهنا يوضّح أن الجدال نوعان :

1- جدال لاستيضاح الحق ، فهو نقاش يتبين منه الإنسان ما يريد أن يستوضحه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمح لأصحابه بمثل هذه المناقشة ، ويردّ عليهم بما يقنعهم .

وقد أشار عليه أحد أصحابه في غزوة بدر باتخاذ موقع أكثر قربا من الماء ، وأكثر ملائمة للمعركة فقبل مشورته ، وفي غزوة الخندق سمع مشورة الأنصار في عدم إعطاء هوازن ثلث ثمار المدينة ، وغير ذلك . وكان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس مشورة لأصحابه مع أن الوحي ينزل عليه ، ومع ذلك كان يقول : " أشيروا عليّ أيها الناس " {[621]} .

2- جدال يراد به المكابرة بدون حجة صالحة لا نقلية ولا عقلية ، وهو جدال ممقوت ، يحمل الكبر والتعصب والتقليد الأعمى .

ومعنى الآية :

لله تعالى رسالات سماوية ، وأدلة عقلية بثّها في هذا الكون ، فهناك من يستجيب لهدي السماء ، لكن من يتكبر عن قبول الحق ويتجبر بالباطل ، هؤلاء الذين يفعلون ذلك كبر وعظم بغضا جدالهم عند الله ، وعند الذين آمنوا .

قال الزجاج :

المراد بالذين يجادلون كل مسرف مرتاب ، وهم يجادلون في الله بغير حجة صالحة للتمسك بها ، لا هي حجة نقلية أتتهم من جهته تعالى على أيدي الرسل ، ولا هي حجة عقلية استنبطوها من الكون ا ه .

أي أن هذه الآية مرتبطة بالآية السابقة ، فهؤلاء المسرفون المرتابون في هدي السماء ، من شأنهم الجدال في آيات الله بغير سلطان ، وعليهم غضب الله تعالى ، وغضب الذين آمنوا .

جاء في حاشية الجمل على الجلالين :

وهذه الصفة – وهي الجدال بالباطل بدون برهان- موجودة في فرعون وقومه ، ويكون الرجل المؤمن قد عدل عن مخاطبتهم إلى الاسم الغائب ، لحسن محاورته لهم ، واستجلاب قلوبهم ، وأبرز ذلك في صورة تذكّرهم ، فلم يخصهم بالخطاب ، وقوله : { كبر مقتا } ، ضرب من التعجب والاستفهام لجدالهم . . . ا ه .

أي ما أكبر غضب الله عليهم ، وما أعظم مقت المؤمنين لهم .

{ كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار } .

أي : مثل ذلك الطبع العجيب يطبع الله تعالى ، ويختم بالكفر والعمى على قلب كل إنسان متكبر عن الاستماع للحق ، متطاول ومتجبر على خلق الله تعالى بالعدوان والإيذاء .


[621]:أشيروا عليّ أيها الناس.: ذكره البيهقي في دلائل النبوة.
 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٖ جَبَّارٖ} (35)

ثم بين الله هؤلاء المسرفين المرتابين فقال :

{ الذين يُجَادِلُونَ في آيَاتِ الله بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ } فهم يجادلون في آيات الله بغير حجة ولا برهان .

{ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله وَعِندَ الذين آمَنُواْ } أن يجادلوا بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير .

{ كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله على كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } .

كما يطبع الله على قلوب المسرفين المرتابين فهو يطبعُ على قلوب جميع المتكبرين الجبارين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٖ جَبَّارٖ} (35)

ثم ذكر وصف المسرف الكذاب فقال : { الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ } التي بينت الحق من الباطل ، وصارت -من ظهورها- بمنزلة الشمس للبصر ، فهم يجادلون فيها على وضوحها ، ليدفعوها ويبطلوها { بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ } أي : بغير حجة وبرهان ، وهذا وصف لازم لكل من جادل في آيات الله ، فإنه من المحال أن يجادل بسلطان ، لأن الحق لا يعارضه معارض ، فلا يمكن أن يعارض بدليل شرعي أو عقلي أصلا ، { كَبُرَ } ذلك القول المتضمن لرد الحق بالباطل { مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا } فالله أشد بغضًا لصاحبه ، لأنه تضمن التكذيب بالحق والتصديق بالباطل ونسبته إليه ، وهذه أمور يشتد بغض الله لها ولمن اتصف بها ، وكذلك عباده المؤمنون يمقتون على ذلك أشد المقت موافقة لربهم ، وهؤلاء خواص خلق الله تعالى ، فمقتهم دليل على شناعة من مقتوه ، { كَذَلِكَ } أي : كما طبع على قلوب آل فرعون{ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } متكبر في نفسه على الحق برده وعلى الخلق باحتقارهم ، جبار بكثرة ظلمه وعدوانه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٖ جَبَّارٖ} (35)

قوله تعالى : { الذين يجادلون في آيات الله } قال الزجاج : هذا تفسير للسرف المرتاب ، يعني : الذين يجادلون في آيات الله ، أي : في إبطالها بالتكذيب ، { بغير سلطان } حجة ، { أتاهم } من الله . { كبر مقتاً } أي : كبر ذلك الجدال مقتاً ، { عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار } قرأ أبو عمرو وابن عامر { قلب } بالتنوين ، وقرأ الآخرون بالإضافة ، دليله قراءة عبد الله ابن مسعود ( على قلب كل متكبر جبار ) .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٖ جَبَّارٖ} (35)

{ الذين يجادلون في آيات الله } أي في إبطالها ودفعها { بغير سلطان } أي حجة { أتاهم كبر } ذلك الجدال { مقتا } بغضا

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٖ جَبَّارٖ} (35)

{ الذين يجادلون } بدل من مسرف مرتاب وإنما جاز إبدال الجمع من المفرد ، لأنه في معنى : الجمع كأنه قال : كل مسرف .

{ كبر مقتا } فاعل كبر مصدر يجادلون ، وقال الزمخشري : الفاعل ضمير من هو مسرف .