وجوزوا في { الذين يجادلون } أن تكون صفة لمن ، وبدلاً منه : أي معناه جمع ومبتدأ على حذف مضاف ، أي جدال الذين يجادلون ، حتى يكون الضمير في { كبر } عائداً على ذلك أولاً ، أو على حذف مضاف ، والفاعل بكبر ضمير يعود على الجدل المفهوم من قوله : { يجادلون } ، أو ضمير يعود على من على لفظها ، على أن يكون الذين صفة ، أو بدلاً أعيد أولاً على لفظ من في قوله : { هو مسرف كذاب } .
ثم جمع الذين على معنى من ، ثم أفرد في قوله : { كبر } على لفظ من .
وقال الزمخشري : ويحتمل أن يكون { الذين يجادلون } مبتدأ وبغير { سلطان أتاهم } خبراً ، وفاعل { كبر } قوله : { كذلك } ، أي { كبر مقتاً } مثل ذلك الجدال ، و { يطبع الله } كلام مستأنف ، ومن قال { كبر مقتاً ، عند الله } جدالهم ، فقد حذف الفاعل ، والفاعل لا يصح حذفه .
انتهى ، وهذا الذي أجازه لا يجوز أن يكون مثله في كلام فصيح ، فكيف في كلام الله ؟ لأن فيه تفكيك الكلام بعضه من بعض ، وارتكاب مذهب الصحيح خلافه .
أما تفكيك الكلام ، فالظاهر أن بغير سلطان متعلق بيجادلون ، ولا يتعقل جعله خبراً للذين ، لأنه جار ومجرور ، فيصير التقدير : { الذين يجادلون في آيات الله } : كائنون ، أو مستقرون ، { بغير سلطان } ، أي في غير سلطان ، لأن الباء إذا ذاك ظرفية خبر عن الجثة ، وكذلك في قوله { يطبع } أنه مستأنف فيه تفكيك الكلام ، لأن ما جاء في القرآن من { كذلك يطبع } ، أو نطبع ، إنما جاء مربوطاً بعضه ببعض ، فكذلك هنا .
وأما ارتكاب مذهب الصحيح خلافه ، فجعل الكاف اسماً فاعلاً بكبر ، وذلك لا يجوز على مذهب البصريين إلا الأخفش ، ولم يثبت في كلام العرب ، أعني نثرها : جاءني كزيد ، تريد : مثل زيد ، فلم تثبت اسميتها ، فتكون فاعلة .
وأما قوله : ومن قال لي آخره ، فإنّ قائل ذلك وهو الحوفي ، والظن به أنه فسر المعنى ولم يرد الإعراب .
وأما تفسير الإعراب أن الفاعل بكبر ضمير يعود على الجدال المفهوم من يجادلون ، كما قالوا : من كذب كان شراً له ، أي كان هو ، أي الكذب المفهوم من كذب .
والأولى في إعراب هذا الكلام أن يكون الذين مبتدأ وخبره كبر ، والفاعل ضمير المصدر المفهوم من يجادلون ، وهذه الصفة موجودة في فرعون وقومه ، ويكون الواعظ لهم قد عدل عن مخاطبتهم إلى الاسم الغائب ، لحسن محاورته لهم واستجلاب قلوبهم ، وإبراز ذلك في صورة تذكيرهم ، ولا يفجأهم بالخطاب .
وفي قوله : { كبر مقتاً } ضرب من التعجب والاستعظام لجدالهم والشهادة على خروجه عن حدّ إشكاله من الكبائر .
{ كذلك } : أي مثل ذلك الطبع على قلوب المجادلين ، { يطبع الله } : أي يحتم بالضلالة ويحجب عن الهدى .
وقرأ أبو عمرو بن ذكوان ، والأعرج ، بخلاف عنه : قلب بالتنوين ، وصف القلب بالتكبر والجبروت ، لكونه مركزهما ومنبعهما ، كما يقولون : رأت العين ، وكما قال : { فإنه آثم قلبه } والإثم : الجملة ، وأجاز الزمخشري أن يكون على حذف المضاف ، أي على كل ذي قلب متكبر ، بجعل الصفة لصاحب القلب .
انتهى ، ولا ضرورة تدعو إلى اعتقاد الحذف .
وقرأ باقي السبعة : قلب متكبر بالإضافة ، والمضاف فيه العام عام ، فلزم عموم متكبر جبار .
وقال مقاتل : المتكبر : المعاند في تعظيم أمر الله ، والجبار المسلط على خلق الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.