فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٖ جَبَّارٖ} (35)

{ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ } بدل { مَنْ } ، والجمع باعتبار معناها ، وإفراد الضمير باعتبار اللفظ ، أو بيان لها ، أو صفة ، أو في محل نصب بإضمار أعني ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي هم الذين ، أو مبتدأ وخبره يطبع ، والأول أولى . قال ابن جريج : الذين يجادلون يهود ، قيل : هذا من كلام الرجل المؤمن أيضا ، وقيل : إنه ابتداء كلام من الله سبحانه .

{ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ } أي بغير حجة واضحة ، وبرهان ساطع { أَتَاهُمْ } صفة لسلطان { كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا } يحتمل أن يراد به التعجب والاستعظام وأن يراد به الذم كبئس ، وفاعل كبر ضمير يعود إلى الجدال المفهوم من : يجادلون ، قال المحلي : كبر خبر المبتدأ انتهى ، وهذا أولى وأحسن الأعاريب العشرة التي ذكرها السمين . وإليه نحا أبو حيان .

{ كَذَلِكَ } الطبع المحكم البليغ { يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } مستأنف قرأ الجمهور بإضافة قلب إلى متكبر واختارها أبو حاتم وأبو عبيدة وفي الكلام حذف والتقدير كذلك يطبع الله على قلب كل متكبر ، فحذف كل الثانية لدلالة الأولى عليها ، والمعنى أنه سبحانه يطبع على قلوب جميع المتكبرين الجبارين .

وقرئ بتنوين قلب على أن متكبرا صفة له فيكون القلب مرادا به الجملة ، لأن القلب هو محل التكبر ، وسائر الأعضاء تبع له في ذلكم ، وهما سبعيتان ، وقرأ ابن مسعود على قلب كل متكبر ، وتقديره عند الزمخشري على كل ذي قلب متكبر ، قال الشيخ ولا ضرورة تدعو إلى اعتبار الحذف ، قلت بل ثم ضرورة إلى ذلك ، وهي توافق القراءتين . ثم لما سمع فرعون هذا رجع إلى تكبره وتجبره ، معرضا عن الموعظة نافرا عن قبولها .