في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (46)

36

والجواب على هذا المسخ والانحراف والضلال هو ما لقنه الله لرسوله [ صلى الله عليه وسلم ] في مواجهة مثل هذه الحال :

( قل : اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ) . .

إنه دعاء الفطرة التي ترى السماء والأرض ؛ ويتعذر عليها أن تجد لها خالقاً إلا الله فاطر السماوات والأرض ، فتتجه إليه بالاعتراف والإقرار . وتعرفه بصفته اللائقة بفاطر السماوات والأرض . ( عالم الغيب والشهادة )المطلع

على الغائب والحاضر ، والباطن والظاهر . ( أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ) . . فهو وحده الحكم يوم يرجعون إليه . وهم لا بد راجعون .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (46)

المفردات :

فاطر السماوات : خالق ومبدع السماوات على غير مثال سابق .

عالم الغيب والشهادة : عالم السرّ والعلن .

التفسير :

46- { قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون } .

تأتي هذه الآية وعيدا للمشركين وتهديدا لهم ، بفضل القضاء بينهم وبين الرسول الأمين يوم القيامة ، وفيها تعليم للرسول صلى الله عليه وسلم ولأمته بالالتجاء إلى الله تعالى في الشدة .

والمعنى :

ادع الله تعالى وقل : يا الله يا خالق السماوات والأرض على غير مثال سابق ، لقد بدأت الخلق فرفعت السماء ، وبسطت الأرض ، وسخرت الهواء والرياح والأمطار ، والليل والنهار ، وأنت العليم الذي أحاط علمه بكل صغيرة وكبيرة ، وأنت العالم بالخفايا ، وبالسر والعلن ، فقد أحاط علمك بما غاب في الأرض والسماء ، وبما ظهر وشوهد في هذا الكون ، وأنت المحيط بكل شيء ، وأنت أيضا الحكم العدل الذي يحكم بين الكافرين والمؤمنين ، وبين الرسل وأقوامهم ، وبين دعاة الإيمان ودعاة الكفر ؛ فتحق الحق وتبطل الباطل .

وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل قرأ هذه الآية ، وروى عن سعيد بن جبير أنه قال : إني لأعرف آية ما قرأها أحد قط فسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه : { قل الله فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون } .

وأخرج مسلم ، وأبو داود ، وغيرهما ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته : " اللهم ربّ جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختُلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " {[604]} .

وأخرج الإمام أحمد ، والترمذي ، عن مجاهد قال : قال أبو بكر الصدّيق : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعي من الليل : اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، لا إله إلا أنت ، ربّ كل شيء ومليكه ، أعوذ بك من شرّ نفسي ، وشر الشيطان وشركه ، وأن أقترف على نفسي سوء أو أجرّه إلى مسلم {[605]} .


[604]:اللهم رب جبرائيل وميكائيل: رواه مسلم في صلاة المسافرين (770) وأبو داود في الصلاة (767) والترمذي في الدعوات (3420) والنسائي في قيام الليل (1625) وابن ماجة في إقامة الصلاة (1357) وأحمد (24699) من حديث عائشة، وقال الترمذي: حسن غريب.
[605]:اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة: رواه أحمد في مسنده (82) والترمذي قي الدعوات (3529) من حديث عبد الله بن عمر بن العاص قال: هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فنظرت فإذا فيها: إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت فقال: " يا أبا بكر قل: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (46)

اللهمّ : كلمة تستعمل للنداء ، يا الله .

قل يا محمد متوجهاً إلى مولاك : يا الله ، أنت خالق السموات والأرض ، وعالم السر والعلَن ، أنت تحكم بين عبادك وتفصِل بينهم فيما كانوا يختلفون بشأنه في الدنيا .

وبعد أن علّم الله تعالى رسوله الكريم هذا الدعاء ، يعرِض حال الظالمين المخيفة يوم القيامة يوم يرجعون للحكم والفصل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (46)

ولهذا قال { قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي : خالقهما ومدبرهما . { عَالِمَ الْغَيْبِ } الذي غاب عن أبصارنا وعلمنا { وَالشَّهَادَةِ } الذي نشاهده .

{ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } وإن من أعظم الاختلاف اختلاف الموحدين المخلصين القائلين : إن ما هم عليه هو الحق ، وإن لهم الحسنى في الآخرة دون غيرهم ، والمشركين الذين اتخذوا من دونك الأنداد والأوثان ، وسووا فيك من لا يسوى شيئا ، وتنقصوك غاية التنقص ، واستبشروا عند ذكر آلهتهم ، واشمأزوا عند ذكرك ، وزعموا مع هذا أنهم على الحق وغيرهم على الباطل ، وأن لهم الحسنى .

قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }

وقد أخبرنا بالفصل بينهم بعدها بقوله : { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ } إلى أن قال : { إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ }

وقال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ } ففي هذه الآية ، بيان عموم خلقه تعالى وعموم علمه ، وعموم حكمه بين عباده ، . فقدرته التي نشأت عنها المخلوقات ، وعلمه المحيط بكل شيء ، دال على حكمه بين عباده وبعثهم ، وعلمه بأعمالهم ، خيرها وشرها ، وبمقادير جزائها ، وخلقه دال على علمه { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (46)

قوله تعالى : " قل اللهم فاطر السماوات والأرض " نصب لأنه نداء مضاف وكذا " عالم الغيب " ولا يجوز عند سيبويه أن يكون نعتا . " أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون " وفي صحيح مسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال : سألت عائشة رضي الله عنها بأي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح صلاته إذا قام من الليل ؟ قالت : كان إذا قام من الليل افتتح صلاته ( اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل " فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون " اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) ولما بلغ الربيع بن خيثم قتل الحسين بن علي رضي الله عنهم قرأ : " قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون " . وقال سعيد بن جبير : إني لأعرف آية ما قرأها أحد قط فسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ، قوله تعالى : " قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون " .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (46)