تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (46)

الآية 46 وقوله تعالى : { قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } يحتمل : مُبدئ ، ويحتمل : مبدع أو خالق السماوات والأرض ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } يحتمل قوله : { عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } ما أشهد الخلق بعضهم على بعض ، هو عالم ذلك كله . والغيب ما غاب عن الخلق كلهم ، والشهادة ما شهده الخلق .

[ ويحتمل ]{[17975]} أن يكون قوله { عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } أي عالم ما يكون أنه يكون ، والشهادة ما قد كان يعلم ذلك كله ، يعلم ما يكون أنه يكون ، وما كان يعلمه كائنا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } في هذه الدنيا ، فهو يخرّج على وجوه :

أحدها : ما جعل الله من الكتب والرسل ، وبيّن لهم ما فيها مالهم وما عليهم .

ثم إن كان في الآخرة فجائز ألا يكون يحكم بيننا في ما وسّع علينا الحكم في الأمر في الدنيا ، وترتفع المحنة به في الآخرة من نحو الأحكام التي سبيل معرفتها الاجتهاد . ولا يحكم بذلك بيننا بشيء من ذلك .

وإذا كان غير موسّع علينا في الدنيا ترك ذلك ، وهو مما لا ترتفع المحنة به في الدارين جميعا من نحو التوحيد والدين ، فذلك يحكم بيننا في الآخرة ، والله أعلم .


[17975]:في الأصل وم: أو.