ولما لم يقبل المتمردون من الكفار ما جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدعاء إلى الخير ، وصمموا على كفرهم أمره الله سبحانه ، أن يرد الأمر إلى الله سبحانه ، ويلتجئ إليه تعالى بالدعاء لما تحير في أمرهم ، وعجز في عنادهم وشدة شكيمتهم ، فإنه القادر على الأشياء ، العالم بالأحوال كلها فقال : { قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ( 46 ) } . { قُلِ اللَّهُمَّ } أصله بالله عوض عنها الميم لقربها من حروف العلة ، وشددت لتكون على حرفين كالمعوض عنه ، ولذا لم يجمع بينهما ، فلا يقال : اللهم في فصيح الكلام ، وما سمع من قوله :
إني إذا ما حدث ألمّا *** أقول : يا اللهم يا اللهما .
فضرورة قاله الرخى { فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي مبدعهما { عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } أي ما غاب وشوهد ، وهما منصوبان على النداء :
{ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } من الهدى والضلالة ، والمعنى تجازي المحسن بإحسانه ، وتعاقب المسيء يإساءته ، فإنه بذلك يظهر من هو المحق ، ومن هو المبطل ، ويرتفع عنده خلاف المختلفين ، وتخاصم المتخاصمين .
وقيل : هذه محاكة من النبي للمشركين إلى الله تعالى .
وعن ابن المسيب لا أعرف آية قرئت فدعي عندها إلا أجيب سواها ، وعن الربيع ابن خيثم وكان قليل الكلام أنه أخبر بقتل الحسين رضي الله عنه ، وقالوا الآن يتكلم فما زاد أن قال آه أو قد فعلوا ، وقرأ هذه الآية ، وروي أنه قال على إثره . قتل من كان صلى الله عليه وسلم يجلسه في حجره ويضع فاه على فيه .
وأخرج مسلم وأبو داود والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته :
( اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) {[1445]} . ثم لما حكى عن الكفار ما حكاه من الاشمئزاز عند ذكر الله والاستبشار عند ذكر الأصنام ذكر ما يدل على شدة عذابهم وعظم عقوبتهم فقال : { وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ( 47 ) }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.