السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (46)

ولما حكى الله تعالى عن هؤلاء الكفار هذا الأمر العجيب الذي تشهد فطرة العقل بفساده أردفه بذكر الدعاء العظيم فقال تعالى : { قل اللهم } أي : يا الله { فاطر السماوات والأرض } أي : مبدعهما من العدم أي : ألتجئ إلى الله تعالى بالدعاء لما تحيرت في أمرهم وعجزت في عنادهم وشدة شكيمتهم فإنه القادر على الأشياء والعالم بالأحوال كلها { عالم الغيب والشهادة } وصف تعالى نفسه بكمال القدرة وكمال العلم { أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون } أي : من أمر الدين وعن الربيع بن خيثم وكان قليل الكلام لما أخبر بقتل الحسين وسخط على قاتله وقالوا : الآن يتكلم فما زاد على أن قال : آه أوقد فعلوا وقرأ الآية ، وروي أنه قال على أثرها : أو قتل من كان يجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره ويضع فاه على فيه . وعن أبي سلمة قال : «سألت عائشة رضي الله عنها بم كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته بالليل قالت : كان يقول : اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم » .