في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ} (38)

وفي ظل هذه الإيقاعات المثيرة الخطيرة يعلن تبعة كل نفس لذاتها وعلى ذاتها ؛ ويدع للنفوس أن تختار طريقها ومصيرها ؛ ويعلن لها أنها مأخوذة بما تكسبه باختيارها ، مرهونة بأعمالها وأوزارها :

( لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر . كل نفس بما كسبت رهينة ) . .

فكل فرد يحمل هم نفسه وتبعتها ، ويضع نفسه حيث شاء أن يضعها ، يتقدم بها أو يتأخر ، ويكرمها أو يهينها . فهي رهينة بما تكسب ، مقيدة بما تفعل . وقد بين الله للنفوس طريقة لتسلك إليه على بصيرة ، وهو إعلان في مواجهة المشاهد الكونية الموحية ، ومشاهد سقر التي لا تبقي ولا تذر . . له وقعه وله قيمته !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ} (38)

الحوار بين أصحاب اليمين وبين المجرمين

{ كل نفس بما كسبت رهينة 38 إلا أصحاب اليمين 39 في جنات يتساءلون 40 عن المجرمين 41 ما سلككم في سقر 42 قالوا لم نك من المصلين 43 ولم نك نطعم المسكين 44 وكنا نخوض مع الخائضين 45 وكنا نكذّب بيوم الدين 46 حتى أتانا اليقين 47 فما تنفعهم شفاعة الشافعين 48 فما لهم عن التذكرة معرضين 49 كأنهم حمر مستنفرة 50 فرّت من قسورة 51 بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة 52 كلاّ بل لا يخافون الآخرة 53 كلاّ إنه تذكرة 54 فمن شاء ذكره 55 وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة 56 }

المفردات :

بما كسبت رهينة : مرهونة عند الله تعالى بعملها .

38

التفسير :

38- كل نفس بما كسبت رهينة .

كل إنسان مرتهن بعمله يوم القيامة ، فمن أطاع الله وأدى واجبه في الدنيا فقد أعتق نفسه من نار جهنم ، ومن عصى الله ولم يلتزم بأوامره ، ولم يجتنب نواهيه ، كان مرتهنا في جهنم ، ليصطلى بنارها جزاء وفاقا لعمله .

وفي الحديث الشريف : ( . . . كل الناس يغدو ، فبائع لنفسه فمعتقها أو موبقها ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ} (38)

{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } من أعمال السوء وأفعال الشر { رَهِينَةٌ } بها موثقة بسعيها ، قد ألزم عنقها ، وغل في رقبتها ، واستوجبت به العذاب .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ} (38)

{ كل نفس بما كسبت رهينة } مرتهنة في النار بكسبها مأخوذة بعملها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ} (38)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

كلّ نفس مأمورة منهية بما عملت من معصية الله في الدنيا، رهينة في جهنم" إلاّ أصحَابَ اليَمِينِ "فإنهم غير مرتهنين، ولكنهم "فِي جَنّاتٍ يَتَساءَلُونَ عن المجرمين".

عن ابن عباس: "كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ" يقول: مأخوذة بعملها.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

معناه إن كل نفس مكلفة مطالبة بما عملته وكسبته من طاعة أو معصية،

فالرهن: أخذ الشيء بأمر على أن لا يرد إلا بالخروج منه.

وكذلك هؤلاء الضلال قد أخذوا برهن لا فكاك له.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

هي اسم بمعنى... كأنه قيل: كل نفس بما كسبت رهن.

والمعنى كل نفس رهن بكسبها عند الله غير مفكوك إلا أصحاب اليمين، فإنهم فكوا عن رقاب أنفسهم بسبب أعمالهم الحسنة، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

أي مرتهنة بكسبها، مأخوذة بعملها، إما خلصها وإما أوبقها.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

أي: معتقلة بعملها يوم القيامة.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 37]

وفي ظل هذه الإيقاعات المثيرة الخطيرة يعلن تبعة كل نفس لذاتها وعلى ذاتها؛ ويدع للنفوس أن تختار طريقها ومصيرها؛ ويعلن لها أنها مأخوذة بما تكسبه باختيارها، مرهونة بأعمالها وأوزارها:

(لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر. كل نفس بما كسبت رهينة)..

فكل فرد يحمل هم نفسه وتبعتها، ويضع نفسه حيث شاء أن يضعها، يتقدم بها أو يتأخر، ويكرمها أو يهينها. فهي رهينة بما تكسب، مقيدة بما تفعل. وقد بين الله للنفوس طريقة لتسلك إليه على بصيرة، وهو إعلان في مواجهة المشاهد الكونية الموحية، ومشاهد سقر التي لا تبقي ولا تذر.. له وقعه وله قيمته!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

استئناف بياني يبين للسامع عقبى الاختيار الذي في قوله: {لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر} [المدثر: 37] أي كل إنسان رَهْن بما كسب من التقدم أو التأخر أو غير ذلك فهو على نفسه بصيرة ليكسب ما يفضي به إلى النعيم أو إلى الجحيم.

و {رهينة}: خبر عن {كل نفس} وهو بمعنى مرهونة.

والرهن: الوثاق والحبس ومنه الرهن في الدَيْن، وقد يطلق على الملازمة والمقارنة، ومنه: فَرَسا رِهَانٍ، وكِلا المعنيين يصح الحمل عليه هنا على اختلاف الحال، وإنما يكون الرهن لتحقيق المطالبة بحق يخشى أن يتفلت منه المحْقوق به، فالرهن مشعر بالأخذ بالشدة ومنه رهائن الحرب الذين يأخذهم الغالب من القوم المغلوبين ضماناً لئلا يخيس القومُ بشروط الصلح وحتى يعطوا ديات القتلى فيكون الانتقام من الرهائن.

وبهذا يكون قوله: {كل نفس} مراداً به خصوص أنفس المنذَرين من البشر، فهو من العام المراد به الخصوص بالقرينة، أي قرينة ما تعطيه مادة رَهينة من معنى الحَبس والأسر.

وظاهر هذا أنه كلام منصف وليس بخصوص تهديدِ أهل الشر.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ} (38)

ولما كان التقدم والتأخر-{[69934]} بالأفعال ، وكان أكثر أفعال الإنسان الشر لما جبل عليه من النقصان ، قال مبيناً لما يقدم وما يؤخر { كل نفس } أي ذكر أو أنثى على العموم{[69935]} { بما كسبت } أي خاصة لا بما كسب غيرها { رهينة * } أي مرتهنة بالفعل ، اسم بمعنى . الرهن كما في قول-{[69936]} الحماسي{[69937]} :

أبعد الذي بالنعف نعف كويكب{[69938]} *** رهينة رمس ذي تراب وجندل

لا تأنيث " رهين " الذي هو وصف ، لأن فعيلاً بمعنى مفعول-{[69939]} يستوي مذكره ومؤنثه ، ولو كانت الفواصل التي يعبرون بها عن السجع تأدباً تراعى في القرآن بوجه لقيل : رهين -{[69940]} لأجل يمين ، ولكن لا نظر{[69941]} فيه لغير المعنى ، ويجوز أن تكون الهاء-{[69942]} للمبالغة بمعنى موثقة إيثاقاً بليغاً محبوسة حبساً عظيماً فهي في النار ، فجعل الأصل في الكسب الموثق{[69943]} .


[69934]:زيد من ظ و م.
[69935]:زيد في الأصل: ما، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[69936]:زيد من ظ و م.
[69937]:زيد في الأصل: حيث قال، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[69938]:من البحر المحيط 8/379 وروح المعاني 9/226، وفي الأصل: بكوكب.
[69939]:زيد من ظ.
[69940]:زيد من م.
[69941]:من ظ و م، وفي الأصل: نظير.
[69942]:زيد من م.
[69943]:في م: الموفق.