الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ} (38)

قوله تعالى : " كل نفس بما كسبت رهينة " أي مرتهنة بكسبها ، مأخوذة بعملها ، إما خلصها وإما أوبقها . وليست " رهينة " تأنيث رهين في قوله تعالى : " كل امرئ بما كسب رهين " [ الطور : 21 ] لتأنيث النفس ؛ لأنه لو قصدت الصفة لقيل رهين ؛ لأن فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث . وإنما هو اسم بمعنى الرهن كالشتيمة بمعنى الشتم ، كأنه قيل : كل نفس بما كسبت رهين ، ومنه بيت الحماسة :

أبعد الذي بالنعْفِ نَعْفِ كُويكبٍ *** رهينةُ رَمْسٍ ذي ترابٍ وجَنْدَلِ{[15592]}

كأنه قال رهن رمس . والمعنى : كل نفس رهن بكسبها عند الله غير مفكوك


[15592]:النعف من الأرض: المكان المرتفع في اعتراض. والبيت من قول عبد الرحمن بن زيد العذرى وقد قتل أخوه وعرضت عليه الدية، فأبى أن يأخذها، وأخذ بثأره.