البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ} (38)

والظاهر العموم في كل نفس .

وقال الضحاك : كل نفس حقيق عليها العذاب ، ولا يرتهن الله تعالى أحداً من أهل الجنة ، ورهينة بمعنى رهن ، كالشتيمة بمعنى الشتم ، وليست بمعنى مفعول لأنها بغير تاء للمذكر والمؤنث ، نحو : رجل قتيل وامرأة قتيل ، فالمعنى : كل نفس بما كسبت رهن ، ومنه قول الشاعر :

أبعد الذي بالنعف نعف كويكب *** رهينة رمس ذي تراب وجندل

أي : رمس رهن ، والمعنى : أن كل نفس رهن عند الله غير مفكوك .

وقيل : الهاء في رهينة للمبالغة .

وقيل : على تأنيث اللفظ لا على الإنسان ، والذي أختاره أنها مما دخلت فيه التاء ، وإن كان بمعنى مفعول في الأصل كالنطيحة ، ويدل على ذلك أنه لما كان خبر عن المذكر كان بغير هاء ، قال تعالى : { كل امرىء بما كسب رهين } فأنت ترى حيث كان خبراً عن المذكر أتى بغير تاء ، وحيث كان خبراً عن المؤنث أتى بالتاء ، كما في هذه الآية .

فأما الذي في البيت فأنث على معنى النفس .