في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا} (31)

ومن ثم فهو :

( يدخل من يشاء في رحمته ، والظالمين أعد لهم عذابا أليما ) . .

فهي المشيئة المطلقة تتصرف بما تريد . ومن إرادتها أن يدخل في رحمته من يشاء ، ممن يلتجئون إليه ، يطلبون عونه على الطاعة ، وتوفيقه إلى الهدى . . ( والظالمين أعد لهم عذابا أليما ) . وقد أملى لهم وأمهلهم لينتهوا إلى هذا العذاب الأليم !

وهذا الختام يلتئم مع المطلع ، ويصور نهاية الابتلاء ، الذي خلق الله له الإنسان من نطفة أمشاج ، ووهبه السمع والأبصار ، وهداه السبيل إما إلى جنة وإما إلى نار . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا} (31)

23

13- يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعدّ لهم عذابا أليما .

فهو سبحانه حكيم منزه عن الظلم ، فمن رأى في قلبه الرغبة في الهدى والإيمان ، والطمع في المغفرة ، والرجاء في الرحمة ، يسّر له ذلك وأعانه عليه ، ومن ظلم نفسه بالمعاصي ، وأعرض عن طاعة الله سلب عنه الهدى ، وأعدّ له عذابا أليما في الآخرة .

وفي الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ذات يوم : ( هؤلاء أسماء أصحاب الجنة ، بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم ، لا يزيدون ولا ينقصون ، وهؤلاء أسماء أصحاب النار ، بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم ، لا يزيدون ولا ينقصون ) . قال الصحابة : أفلا نتكل على ذلك يا رسول الله ؟ قال : ( لا ، اعلموا فكل ميسر لما خلق له . إن الله عز وجل يقول : فأما من أعطى واتقى* وصدّق بالحسنى* فسنيسره لليسرى* وأما من بخل واستغنى* وكذّب بالحسنى* فسنيسره للعسرىviii . ( الليل : 5-10 ) .

قال ابن كثير :

إن الله كان عليما حكيما .

أي : عليم بمن يستحق الهداية فييسرها له ، ويقيّض له أسبابها ، ومن يستحق الغواية فيصرفه عن الهدى ، وله الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة ، ولهذا قال : إن الله كان عليما حكيما .

ثم قال : يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما .

أي : يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء ، فمن يهده فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي لهix .

i تفسير النيسابوري بهامش تفسير الطبري 29/109 .

ii تفسير المراغي ، للأستاذ أحمد مصطفى المراغي 29/164 ، وانظر تفسير النسفي 4/238 .

iii تفسير المراغي 29/166

iv تفسير النسفي 4/238 .

v تفسير الطبري 29/137 .

vi مختصر تفسير ابن كثير ، تحقيق محمد علي الصابوني ، المجلد الثالث ص584 .

vii إنما الأعمال بالنيات :

رواه البخاري ( 1 ، 6689 ، 6953 ) ومسلم في كتاب الإمارة ( 3530 ) ، والترمذي في كتاب فضائل الجهاد ( 1571 ) والنسائي في كتاب الطهارة ( 74 ) وفي الطلاق ( 3383 ) وفي الأيمان والنذور ( 3734 ) ، وأبو داود في كتاب الطلاق ( 1882 ) ، وابن ماجة في كتاب الزهد ( 4217 ) وأحمد في مسنده ( 163 ، 283 ) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) .

viii اعملوا فكل ميسر لما خلق له :

تقدم تخريجه ، انظر هامش ( 64 ) .

ix مختصر تفسير ابن كثير ، تحقيق محمد علي الصابوني ، المجلد الثالث ص585 .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا} (31)

{ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ } فيختصه بعنايته ، ويوفقه لأسباب السعادة ويهديه لطرقها . { وَالظَّالِمِينَ } الذين اختاروا الشقاء على الهدى { أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } [ بظلمهم وعدوانهم ] . تم تفسير سورة الإنسان - ولله الحمد والمنة{[1319]}


[1319]:- في ب: تمت ولله الحمد.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا} (31)

{ إن الله كان عليماً حكيما . يدخل من يشاء في رحمته والظالمين } أي المشركين . { أعد لهم عذاباً أليماً } .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا} (31)

{ يدخل من يشاء في رحمته } جنته وهم المؤمنون { والظالمين } الكافرين الذين عبدوا غيره { أعد لهم عذابا أليما }

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا} (31)

{ والظالمين } منصوب بفعل مضمر تقديره ويعذب الظالمين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا} (31)

وهو معنى { يدخل من يشاء } أي ممن{[70809]} علمه أهلاً للسعادة ، ليس بظالم { في رحمته } بحكمته فييسر له اتخاذ السبيل الموصل إليه بأن يوفقه للعدل ، ويعد له ثواباً جسيماً .

ولما بشر أهل العدل بالفعل المضارع المؤذن بالاستمرار ، ولم يجعله ماضياً لئلا يتعنت متعنت ممن هو متلبس بالضلال فيقول : أنا لا أصلح لأنه ما أدخلني ، عطف عليه ما لأضدادهم{[70810]} في جملة فعلية بناها على الماضي إعلاماً بأن عذابهم موجود قد فرغ منه فقال-{[70811]} : { والظالمين } أي وأهان العريقين في وصف المشي على غير سنن مرضى كالماشي في الظلام فهو يدخلهم في نقمته وقد { أعد لهم } أي-{[70812]} إعداداً أمضاه بعظمته ، فلا يزاد فيه ولا ينقص أبداً{[70813]} { عذاباً أليماً * } فالآية من الاحتباك : ذكر الإدخال والرحمة أولاً دلالة على الضد ثانياً ، والعذاب ثانياً دلالة على الثواب أولاً ، وسر ذلك أن ما ذكره أولى بترغيب أهل العدل فيه وإن ساءت حالهم في الدنيا ، وبترهيب أهل الظلم منه وإن حسنت حالهم في الدنيا ، فقد رجع هذا الآخر المفصل إلى السعادة والشقاوة على أولها المؤذن بأن الإنسان معتنى به غاية الاعتناء ، وأنه ما خلق إلا للابتلاء ، فهو إما كافر مغضوب عليه ، وإما شاكر منظور بعين الرضى إليه{[70814]} - فسبحان من خلقنا ويميتنا ويحيينا بقدرته{[70815]} والله الهادي .

ختام السورة:

فقد رجع هذا الآخر المفصل إلى السعادة والشقاوة على أولها المؤذن بأن الإنسان معتنى به غاية الاعتناء ، وأنه ما خلق إلا للابتلاء ، فهو إما كافر مغضوب عليه ، وإما شاكر منظور بعين الرضى إليه - فسبحان من خلقنا ويميتنا ويحيينا بقدرته والله الهادي .


[70809]:في ظ: من.
[70810]:من ظ و م، وفي الأصل: لأضداده.
[70811]:زيد من ظ و م.
[70812]:زيد من ظ و م.
[70813]:زيد في الأصل: فعلا، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70814]:وقع في الأصل بعد "منظور" والترتيب من ظ و م.
[70815]:سقط ما بين الرقمين من م، وموضعه بما فيه "والله الهادي" وقع في ظ: صلى الله عليه وسلم.