الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا} (31)

قوله : { وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ } : منصوبٌ على الاشتغال بفعلٍ يُفَسِّرُه " أعدَّ لهم " من حيث المعنى لا من حيث اللفظُ ، تقديرُه : وعَذَّبَ الظالمين ، ونحوُه : " زيداً مَرَرْتُ به " ، أي : جاوَزْتُ ولابَسْتُ . وكان النصبُ هنا مُختاراً لِعَطْف جملةِ الاشتغالِ على جملةٍ فعليةٍ قبلَها ، وهي قولُه : " يُدْخِلُ " . وقرأ الزبير وأبان بن عثمان وابن أبي عبلة " والظَّالمون " رَفْعاً على الابتداءِ ، وما بعده الخبرُ ، وهو مرجوحٌ لعدم المناسبةِ . وقرأ ابنُ مسعودٍ " وللظالمين " بلام الجرِّ . وفيه وجهان ، المشهورُ : أَنْ يكونَ " للظَّالمين " متعلِّقاً ب " أَعَدَّ " بعده/ ويكونَ " لهم " تأكيداً . الثاني : وهو ضعيفٌ جداً أَنْ يكونَ مِنْ بابِ الاشغال ، على أَنْ تُقَدِّر فعلاً مثلَ الظاهرِ ، ويُجَرَّ الاسمُ بحرفِ جرٍّ . فنقول : " بزيدٍ مررتُ به " ، أي : مررتُ بزيدٍ مررتُ به . والمعروفُ في لغة العربِ مذهبُ الجمهورِ ، وهو إضمارُ فِعْلٍ ناصبٍ موافقٍ للفعل الظاهرِ في المعنى . فإنْ وَرَدَ نحوُ " بزيدٍ مَرَرْتُ به " عُدَّ من التوكيدِ ، لا من الاشتغالِ .