معاني القرآن للفراء - الفراء  
{يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا} (31)

وقوله عز وجل : { وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ } .

نصبت الظالمين ؛ لأن الواو في لها تصير كالظرف لأعدّ . ولو كانت رفعاً كان صوابا ، كما قال : { والشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ } بغير همز ، وهي في قراءة عبد الله : «وللظالمين أعد لهم » فكرر اللام في ( الظالمين ) وفي ( لهم ) ، وربما فعلت العرب ذلك . أنشدني بعضهم :

أقول لها إذا سألت طلاقا *** إلامَ تسارعين إلى فراقي

وأنشدني بعضهم :

فأصبحْنَ لا يَسلنهُ عن بما به *** أصعَّد في غاوي الهَوى أم تصوَّبا ؟

فكرر الباء مرتين . فلو قال : لا يسلنه عما به ، كان أبين وأجود . ولكن الشاعر ربما زاد ونقص ليكمل الشعر . ولو وجهت قول الله تبارك وتعالى : { عَمَّ يَتَسَاءلُونَ ، عن النَّبَإِ الْعَظِيم } إلى هذا الوجه كان صواباً في العربية .

وله وجه آخر يراد : عم يتساءلون يا محمد ؟ ! ثم أخبر ، فقال : يتساءلون عن النبإ العظيم ، ومثل هذا قوله في المرسلات : { لأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } تعجباً ، ثم قال : { ليوم الفصل } أي : أجلت ليوم الفصل .