في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذۡ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا نَصِيبٗا مِّنَ ٱلنَّارِ} (47)

21

فأما في الآية التالية فقد كانت القيامة فعلاً ، والسياق يلتقط لهم موقفاً في النار ! وهم يتحاجون فيها :

( فيقول الضعفاء للذين استكبروا : إنا كنا لكم تبعاً . فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار ? ) .

إن الضعفاء إذن في النار مع الذين استكبروا . لم يشفع لهم أنهم كانوا ذيولاً وإمعات ! ولم يخفف عنهم أنهم كانوا غنماً تساق ! لا رأي لهم ولا إرادة ولا اختيار !

لقد منحهم الله الكرامة . كرامة الإنسانية . وكرامة التبعة الفردية . وكرامة الاختيار والحرية . ولكنهم هم تنازلوا عن هذا جميعاً . تنازلوا وانساقوا وراء الكبراء والطغاة والملأ والحاشية . لم يقولوا لهم : لا . بل لم يفكروا أن يقولوها . بل لم يفكروا أن يتدبروا ما يقولونه لهم وما يقودونهم إليه من ضلال . . ( إنا كنا لكم تبعاً ) . . وما كان تنازلهم عما وهبهم الله واتباعهم الكبراء ليكون شفيعاً لهم عند الله . فهم في النار . ساقهم إليها قادتهم كما كانوا يسوقونهم في الحياة . سوق الشياه ! ثم ها هم أولاء يسألون كبراءهم : ( فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار ? ) . . كما كانوا يوهمونهم في الأرض أنهم يقودونهم في طريق الرشاد ، وأنهم يحمونهم من الفساد ، وأنهم يمنعونهم من الشر والضر وكيد الأعداء !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذۡ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا نَصِيبٗا مِّنَ ٱلنَّارِ} (47)

المناظرة بين الرؤساء والأتباع .

{ وإذا يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار 47 قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد 48 وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب 49 قالوا أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال 50 إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد 51 يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار 52 } .

المفردات :

المحاجة : المجادلة والخصام بين اثنين فأكثر .

الضعفاء : الأتباع والمرءوسون .

الذين استكبروا : القادة والسادة أولو الرأي فيهم .

التبع : وادهم تابع ، كخدم وخادم .

مغنون : حاملون أو دافعون .

نصيبا : قسطا وجزءا .

47

التفسير :

47- { وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار } .

واذكر يا محمد لقومك هذا الموقف ليعتبروا ويتعظوا به ، حين يقوم جدال وخصام بين الضعفاء التابعين والأقوياء المتبوعين ، يقال فيه الضعفاء للكبراء : لقد اتبعناكم وسرنا خلفكم على وعد منكم بهدايتنا وقيادتنا إلى الفلاح ، وها نحن الآن نلقى عذاب جهنم بسببكم ، فهل تتحملون عنا جانبا منه ، أو تشفعون لنا لتخفيف جزء من العذاب عنّا ؟ وهو سؤال تبكيت وتقريع ؛ لأن الضعفاء يشاهدون الكبراء أمامهم يعذبون مثلهم أو أشّد منهم .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَإِذۡ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا نَصِيبٗا مِّنَ ٱلنَّارِ} (47)

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِذۡ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا نَصِيبٗا مِّنَ ٱلنَّارِ} (47)

قوله تعالى : " وإذ يتحاجون في النار " أي يختصمون فيها " فيقول الضعفاء للذين استكبروا " عن الانقياد للأنبياء " إنا كنا لكم تبعا " فيما دعوتمونا إليه من الشرك في الدنيا " فهل أنتم مغنون عنا " أي متحملون " نصيبا من النار " أي جزءا من العذاب . والتبع يكون واحدا ويكون جمعا في قول البصريين واحده تابع . وقال أهل الكوفة : هو جمع لا واحد له كالمصدر فلذلك لم يجمع ولو جمع لقيل أتباع .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِذۡ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا نَصِيبٗا مِّنَ ٱلنَّارِ} (47)

ولما كان هذا من خبر موسى عليه السلام وفرعون أمراً غريباً جداً ، قل من يعرفه على ما هو عليه ، لأنه من خفي العلم ، أشار سبحانه إلى ذلك بقوله : { وإذ } أي اذكر لهم هذا الذي أنبأناك به مما كان في الزمن الأقدم ، ولا وصول له إليك إلا من جهتنا ، لأنهم يعلمون قطعاً أنك ما جالست عالماً قط ، واذكر لهم ما يكون في الزمن الآتي حين { يتحاجون } أي هؤلاء الذين نعذبهم { في النار } أي يتخاصمون فيها أتباعهم ورؤساؤهم بما لا يغنيهم : { فيقول الضعفاء } أي الأتباع { للذين استكبروا } أي طلبوا أن يكونوا كبراء .

ولما كانوا لشدة ما هم فيه يتبرأ كل منهم من صاحبه . أكدوا قولهم : { إنا كنا لكم } أي دون غيركم { تبعاً } أي أتباعاً ، فتكبرتم على الناس بنا ، وهو عند البصريين يكون واحداً كجمل ويكون جمعاً كخدم جمع خادم ، ولعله عبر به إشارة إلى أنهم كانوا في عظيم الطواعية لهم على قلب رجل واحد ولما كان الكبير يحمي تابعه ، سببوا عن ذلك سؤالهم فقالوا : { فهل أنتم } أي أيها الكبراء { مغنون } أي كافون ومجزون وحاملون { عنا نصيباً من النار * } .