السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذۡ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا نَصِيبٗا مِّنَ ٱلنَّارِ} (47)

واختلف في العامل في قوله تعالى : { وإذا } على ثلاثة أوجه ؛ أحدها : أنه معطوف على غدواً فيكون معمولاً ليعرضون على النار في هذه الأوقات كلها ، قاله أبو البقاء ، ثانيها : أنه معطوف على قوله إذا القلوب لدى الحناجر قاله الطبري ونظر فيه لبعد ما بينهما ، وثالثها : أنه منصوب بإضمار اذكر أي : واذكر يا أشرف الخلق لقومك إذ { يتحاجون } أي : الكفار { في النار } أي : يتخاصمون فيها أتباعهم ورؤساؤهم مما لا يغنيهم { فيقول الضعفاء } أي : الأتباع { للذين استكبروا } أي : طلبوا أن يكونوا كبراءهم الرؤساء { إنا كنا لكم } أي : دون غيركم { تبعاً } أي : أتباعاً فتكبرتم على الناس بنا { فهل أنتم } أيها الكبراء { مغنون } أي : كافون ومجزئون وحاملون { عنا نصيباً من النار } .

تنبيه : تبعاً اسم جمع لتابع ونحوه خادم وخدم ، قال البغوي : والتبع يكون واحداً وجمعاً في قول أهل البصرة واحده تابع ، وقال الكوفيون : هو جمع لا واحد له وجمعه أتباع ، وقيل : إنه مصدر واقع موقع اسم الفاعل أي : تابعين ، وقيل : مصدر ولكنه على حذف مضاف أي : ذوي تبع ونصيباً منصوب بفعل مقدر يدل عليه قولهم مغنون وتقديره : هل أنتم دافعون عنا نصيباً ، وقيل : منصوب على المصدر ، قال البقاعي : كما كان شيئاً كذلك ألا ترى إلى قوله تعالى : { لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً } ( آل عمران : 10 ) في موضع غني فكذلك نصيباً ومن النار صفة لنصيباً .