الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِذۡ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَـٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا نَصِيبٗا مِّنَ ٱلنَّارِ} (47)

قوله : { وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ } : في العاملِ في " إذ " ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدها : أنه معطوفٌ على " غُدُوَّاً " فيكونُ معمولاً ل " يُعْرَضون " أي : يُعْرَضُونَ على النار في هذه الأوقاتِ كلِّها ، قاله أبو البقاء . والثاني : أنه معطوفٌ على قولِه { إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ } [ غافر : 18 ] قاله الطبري . وفيه نظرٌ لبُعْدِ ما بينهما ، ولأنَّ الظاهرَ عَوْدُ الضميرِ مِنْ " يَتَحاجُّون " على آل فرعون . الثالث : أنه منصوبٌ بإضمارِ " اذْكُرْ " وهو واضحٌ .

قوله : " تَبَعاً " فيه ثلاثةُ أوجه ، أحدُها : أنه اسمُ جمعٍ لتابعٍ ، ونحوه : خادِم وخَدَم ، وغائِب ، وغَيَبَ ، وأَديم وأَدَم . والثاني : أنه مصدرٌ واقع موقعَ اسمِ الفاعلِ أي : تابِعين . والثالث : أنه مصدرٌ أيضاً ، ولكنْ على حَذْفِ مضاف أي : ذوي تَبَع .

قوله : " نصيباً " فيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أَنْ ينتصبَ بفعلٍ مقدرٍ يَدُلُّ عليه قولُه " مُغْنُون " تقديرُه : " هل أنتم دافِعون عنا نصيباً . الثاني : أَنْ يُضمَّنَ " مُغْنون " معنى حامِلين . الثالث : أَنْ ينتصبَ على المصدرِ . قال أبو البقاء : " كما كان " شيءٌ " كذلك ، ألا ترى إلى قولِه { لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً } [ آل عمران : 116 ] ف " شيْئاً " في موضعِ غَناء ، فكذلك " نصيباً " . و " من النار " صفةٌ ل " نَصيباً " .