في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

83

يبدأ الحديث عن ذي القرنين بشيء عنه :

( إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا ) . .

لقد مكن الله له في الأرض ، فأعطاه سلطانا وطيد الدعائم ؛ ويسر له أسباب الحكم والفتح ، وأسباب البناء والعمران ، وأسباب السلطان والمتاع . . وسائر ما هو من شأن البشر أن يمكنوا فيه في هذه الحياة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

وقوله : إنّا مَكّنا لَهُ الأرْضِ وآتَيْناهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سبَبا يقول : إنا وطأنا له في الأرض ، وآتَيْناهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سبَبا يقول : وآتيناه من كلّ شيء : يعني ما يتسبب إليه وهو العلم به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وآتَيْناهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سبَبا يقول : علما .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وآتَيْناهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سبَبا : أي علما .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وآتَيْناهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سبَبا قال : من كلّ شيء علما .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : وآتَيْناهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سبَبا قال : علم كلّ شيء .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس وآتَيْناهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سبَبا علما .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وآتَيْناهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سبَبا يقول : علما .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

التمكين : جعل الشيء متمكناً ، أي راسخاً ، وهو تمثيل لقوّة التصرف بحيث لا يزعزع قوته أحد . وحق فعل ( مكنّا ) التعدية بنفسه ، فيقال : مكّناه في الأرض كقوله { مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم } [ الأنعام : 6 ] .

اللام في قوله : { مَكَّنَّا لَهُ في الأَرْضِ } للتوكيد كاللام في قولهم : شكرت له ، ونصحت له ، والجمْع بينهما تفنن . وعلى ذلك جاء قوله تعالى : { مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم } [ الأنعام : 6 ] .

فمعنى التمكين في الأرض إعطاء المقدرة على التصرف .

والمراد بالأرض أهل الأرض ، والمراد بالأرض أرض معينة وهي أرض مُلكه . وتقدم عند قوله تعالى : { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض } [ يوسف : 56 ] .

والسبب : حقيقته الحبل ، وأطلق هنا على ما يتوسل به إلى الشيء من علم أو مقدرة أو آلات التسخير على وجه الاستعارة كقوله تعالى : { وتقطعت بهم الأسباب } في سورة البقرة ( 166 ) .

و { كُلّ شَيْءٍ } مستعمل هنا في الأشياء الكثيرة كما تقدم في نظائره غير مرة منها قوله تعالى : { ولو جاءتهم كل آية } [ يونس : 97 ] أي آتيناه وسائل أشياء عظيمة كثيرة .