في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

( قال : بل ألقوا ) . .

فقبل التحدي ، وترك لهم فرصة البدء ، واستبقى لنفسه الكلمة الأخيرة . . ولكن ماذا ? إنه لسحر عظيم فيما يبدو ، وحركة مفاجئة ماجت بها الساحة حتى موسى :

( فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ) .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

وقوله : " قالَ بَلْ ألْقُوا " يقول تعالى ذكره : قال موسى للسحرة : بل ألقوا أنتم ما معكم قبلي . وقوله : " فإذَا حِبالُهُمْ وَعصِيّهُمْ يُخَيّلُ إلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أنّهَا تَسْعَى " ، وفي هذا الكلام متروك ، وهو : فألقوا ما معهم من الحبال والعصيّ ، فإذا حبالهم ، ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام الذي ذكر عليه عنه . وذُكر أن السحرة سحروا عين موسى وأعين الناس قبل أن يلقوا حبالهم وعصيهم ، فخيل حينئذٍ إلى موسى أنها تسعى ، كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : حُدثت عن وهب بن منبه ، قال : قالوا يا موسى ، " إمّا أنْ تُلْقِيَ وَإمّا أنْ نَكُونَ أوّلَ مَنْ ألْقَى قالَ بَلْ ألْقُوا " فكان أوّل ما اختطفوا بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون ، ثم أبصار الناس بعد ، ثم ألقى كلّ رجل منهم ما في يده من العصي والحبال ، فإذا هي حيات كأمثال الحبال ، قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضا .

واختلفت القراءة في قراءة قوله : " يُخَيّلُ إلَيْهِ " فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار يُخَيّلُ إلَيْهِ بالياء بمعنى : يخيل إليهم سعيها . وإذا قرىء ذلك كذلك ، كانت «أن » في موضع رفع . ورُوي عن الحسن البصري أنه كان يقرؤه : «تُخَيّلُ » بالتاء ، بمعنى : تخيل حبالهم وعصيهم بأنها تسعى . ومن قرأ ذلك كذلك ، كانت «أن » في موضع نصب لتعلق تخيل بها . وقد ذُكر عن بعضهم أنه كان يقرؤه : «تُخَيّلُ إلَيْهِ » بمعنى : تتخيل إليه . وإذا قرىء ذلك كذلك أيضا ف«أن » في موضع نصب بمعنى : تتخيل بالسعي لهم .

والقراءة التي لا يجوز عندي في ذلك غيرها يُخَيّلُ بالياء ، لإجماع الحجة من القراء عليه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

وقوله { فإذا } هي للمفاجأة كما تقول خرجت فإذا زيد ، وهي التي تليها الأسماء ، وقرأت فرقة «عِصيهم » بكسر العين ، وقرأت فرقة «عُصيهم » بضمها ، وقرأت فرقة «يُخيل » على بناء الفعل للمفعول فقوله { أنها } في موضع رفع على ما لم يسم فاعله ، وقرأ الحسن والثقفي «تُخِيل » بضم التاء المنقوطة وكسر الياء وإسناد الفعل إلى الحبال والعصي ، فقوله { أنها } مفعول من أجله والظاهر من الآيات والقصص في كتب المفسرين أن الحبال والعصي كانت تنتقل بحبل السحر وبدس الأجسام الثقيلة المياعة فيها وكان تحركها يشبه تحرك الذي له إرادة كالحيوان ، وهو السعي فإنه لا يوصف بالسعي إلا من يمشي من الحيوان ، وذهب قوم إلى أنها ما لم تكن تتحرك لكنهم سحروا أعين الناس وكان الناظر يخيل إليه أنها تتحرك وتنتقل ع وهذا يحتمل والله أعلم أي ذلك كان .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

قرأ الجمهور { يُخيّل } بتحتيّة في أول الفعل على أن فاعله المصدر من قوله { أنَّها تسعى } . وقرأه ابن ذكوان عن ابن عامر ، ورَوحٌ عن يعقوب « تُخيّل » بفوقية في أوله على أنّ الفعل رافع لضمير { حِبَالُهُم وعِصِيُّهُم } ، أي هي تخيل إليه .

و { أنَّها تسعى } بدل من الضمير المستتر بدل اشتمال .

وهذا التخييل الذي وجده موسى من سحر السحرة هو أثر عقاقير يُشرِبونها تلك الحبالَ والعصيّ ، وتكون الحبال من صنف خاص ، والعصيّ من أعواد خاصة فيها فاعلية لتلك العقاقير ، فإذا لاقت شعاع الشمس اضطربت تلك العقاقير فتحركت الحبال والعصيّ . قيل : وضعوا فيها طِلاءَ الزئبق . وليس التخييل لموسى من تأثير السحر في نفسه لأنّ نفس الرسول لا تتأثر بالأوهام ، ويجوز أن تتأثر بالمؤثرات التي يتأثر منها الجسد كالمرض ، ولذلك وجب تأويل ظاهر حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في سحر النبي صلى الله عليه وسلم وأخبار الآحاد لا تنقض القواطع . وليس هذا محلّ ذكره وقد حققته في كتابي المسمّى « النظر الفسيح » على صحيح البخاري .

و { مِن } في قوله { مِن سِحْرِهِم } للسببيّة كما في قوله تعالى : { مما خطيئاتهم أغرقوا } [ نوح : 25 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"قالَ بَلْ ألْقُوا" يقول تعالى ذكره: قال موسى للسحرة: بل ألقوا أنتم ما معكم قبلي.

وقوله: "فإذَا حِبالُهُمْ وَعصِيّهُمْ يُخَيّلُ إلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أنّهَا تَسْعَى"، وفي هذا الكلام متروك، وهو: فألقوا ما معهم من الحبال والعصيّ، فإذا حبالهم..، ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام الذي ذكر عليه عنه...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

ومعناه شبّه إليه من سحرهم حتى ظنّ {أَنَّهَا تَسْعَى} أي تمشي...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

قال لهم موسى بل ألقوا أنتم، وليس ذلك إذْناً لهم في السحر، ولكن أراد الحقُّ إظهارَ تمويههم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

وعلم موسى صلوات الله عليه اختيار إلقائهم أولاً، مع ما فيه من مقابلة أدب بأدب، حتى يبرزوا ما معهم من مكايد السحر، ويستنفدوا أقصى طوقهم ومجهودهم، فإذا فعلوا: أظهر الله سلطانه وقذف بالحق على الباطل فدمغه، وسلط المعجزة على السحر فمحقته، وكانت آية نيرة للناظرين، وعبرة بينة للمعتبرين. يقال في {إِذَا} هذه: إذا المفاجأة... فتقدير قوله تعالى: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ}: ففاجأ موسى وقت تخييل سعي حبالهم وعصيهم. وهذا تمثيل. والمعنى: على مفاجأته حبالهم وعصيهم مخيلة إليه السعي...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{يخيل إليه} كناية عن موسى عليه السلام، والمراد أنهم بلغوا في سحرهم المبلغ الذي صار يخيل إلى موسى عليه السلام أنها تسعى كسعي ما يكون حيا من الحيات لا أنها كانت حية في الحقيقة...

فأما ما روي أنهم سحروا أعين الناس وعين موسى عليه السلام حتى تخيل ذلك مستدلا بقوله تعالى: {فلما ألقوا سحروا أعين الناس} وبقوله تعالى: {يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى} فهذا غير جائز لأن ذلك الوقت وقت إظهار المعجزة والأدلة وإزالة الشبهة فلو صار بحيث لا يميز الموجود عن الخيال الفاسد لم يتمكن من إظهار المعجزة فحينئذ يفسد المقصود، فإذن المراد أنه شاهد شيئا لولا علمه بأنه لا حقيقة لذلك الشيء لظن فيها أنها تسعى.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{قال} أي موسى... لأنه فهم أن مرادهم الابتداء، وليكون هو الآخر فيكون العاقبة بتسليط معجزته على سحرهم فلا يكون بعدها شك: لا ألقي أنا أولاً {بل ألقوا} أنتم أولاً، فانتهزوا الفرصة، لأن ذلك كان مرادهم بما أفهموه من تعبير السياق والتصريح بالأول، فألقوا {فإذا حبالهم وعصيهم} التي ألقوها {يخيل إليه} وهو صفينا تخييلاً مبتدئاً {من سحرهم} الذي كانوا قد فاقوا به أهل الأرض {أنها} لشدة اضطرابها {تسعى} سعياً، وإذا كان هذا حاله مع أنه أثبت الناس بصراً وأنفذهم بصيرة فما ظنك بغيره!

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فقبل التحدي، وترك لهم فرصة البدء، واستبقى لنفسه الكلمة الأخيرة.. ولكن ماذا؟ إنه لسحر عظيم فيما يبدو، وحركة مفاجئة ماجت بها الساحة حتى موسى: (فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى).

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

ولقد كان ذلك التخيل مفاجأة لموسى، ولذا عبر ب (إذا) التي للمفاجأة، والمفاجأة ما كانت في تحول العصي إلى حيات، إنما كانت المفاجأة التي خيل إليه من سحرهم أنها تسعى.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

نعود إلى سحرة فرعون؛ أيا كان سحرهم أمن نوع الألاعيب وخفة الحركة وخداع الناظرين؟ أم من نوع السحر الذي علمته الشياطين من زمن سليمان عليه السلام فهو سحر لن يقف أمام معجزة باهرة جاءت على يد موسى لإثبات صدقه.

أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :

من الهداية: -معية الله تعالى لموسى وهارون تجلت في تصرفات موسى إذ الإذن لهم بالإلقاء أولاً من الحكمة وذلك أن الذي يبقى في نفوس المتفرجين والنظارة هو المشهد الأخير والكلمة الأخيرة التي تقال.. لاسيما في موقف كهذا.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

على كلّ حال، فإنّ المشهد كان عجيباً جدّاً، فإنّ السّحرة الذين كان عددهم كبيراً، وتمرسهم وإطلاعهم في هذا الفن عميقاً، وكانوا يعرفون جيداً طريقة الاستفادة من خواص هذه الأجسام الفيزيائية والكيميائية الخفيّة، استطاعوا أن ينفذوا إلى أفكار الحاضرين ليصدّقوا أنّ كلّ هذه الأشياء الميتة قد ولجتها الروح.