وقوله : " قالَ بَلْ ألْقُوا " يقول تعالى ذكره : قال موسى للسحرة : بل ألقوا أنتم ما معكم قبلي . وقوله : " فإذَا حِبالُهُمْ وَعصِيّهُمْ يُخَيّلُ إلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أنّهَا تَسْعَى " ، وفي هذا الكلام متروك ، وهو : فألقوا ما معهم من الحبال والعصيّ ، فإذا حبالهم ، ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام الذي ذكر عليه عنه . وذُكر أن السحرة سحروا عين موسى وأعين الناس قبل أن يلقوا حبالهم وعصيهم ، فخيل حينئذٍ إلى موسى أنها تسعى ، كما :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : حُدثت عن وهب بن منبه ، قال : قالوا يا موسى ، " إمّا أنْ تُلْقِيَ وَإمّا أنْ نَكُونَ أوّلَ مَنْ ألْقَى قالَ بَلْ ألْقُوا " فكان أوّل ما اختطفوا بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون ، ثم أبصار الناس بعد ، ثم ألقى كلّ رجل منهم ما في يده من العصي والحبال ، فإذا هي حيات كأمثال الحبال ، قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضا .
واختلفت القراءة في قراءة قوله : " يُخَيّلُ إلَيْهِ " فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار يُخَيّلُ إلَيْهِ بالياء بمعنى : يخيل إليهم سعيها . وإذا قرىء ذلك كذلك ، كانت «أن » في موضع رفع . ورُوي عن الحسن البصري أنه كان يقرؤه : «تُخَيّلُ » بالتاء ، بمعنى : تخيل حبالهم وعصيهم بأنها تسعى . ومن قرأ ذلك كذلك ، كانت «أن » في موضع نصب لتعلق تخيل بها . وقد ذُكر عن بعضهم أنه كان يقرؤه : «تُخَيّلُ إلَيْهِ » بمعنى : تتخيل إليه . وإذا قرىء ذلك كذلك أيضا ف«أن » في موضع نصب بمعنى : تتخيل بالسعي لهم .
والقراءة التي لا يجوز عندي في ذلك غيرها يُخَيّلُ بالياء ، لإجماع الحجة من القراء عليه .
وقوله { فإذا } هي للمفاجأة كما تقول خرجت فإذا زيد ، وهي التي تليها الأسماء ، وقرأت فرقة «عِصيهم » بكسر العين ، وقرأت فرقة «عُصيهم » بضمها ، وقرأت فرقة «يُخيل » على بناء الفعل للمفعول فقوله { أنها } في موضع رفع على ما لم يسم فاعله ، وقرأ الحسن والثقفي «تُخِيل » بضم التاء المنقوطة وكسر الياء وإسناد الفعل إلى الحبال والعصي ، فقوله { أنها } مفعول من أجله والظاهر من الآيات والقصص في كتب المفسرين أن الحبال والعصي كانت تنتقل بحبل السحر وبدس الأجسام الثقيلة المياعة فيها وكان تحركها يشبه تحرك الذي له إرادة كالحيوان ، وهو السعي فإنه لا يوصف بالسعي إلا من يمشي من الحيوان ، وذهب قوم إلى أنها ما لم تكن تتحرك لكنهم سحروا أعين الناس وكان الناظر يخيل إليه أنها تتحرك وتنتقل ع وهذا يحتمل والله أعلم أي ذلك كان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.