في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيۡرَ سَاعَةٖۚ كَذَٰلِكَ كَانُواْ يُؤۡفَكُونَ} (55)

33

ولا بد لهذه النشأة المحكمة المقدرة من نهاية كذلك مرسومة مقدرة . هذه النهاية يرسمها في مشهد من مشاهد القيامة ، حافل بالحركة والحوار على طريقة القرآن :

( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ) . .

فهكذا يتضاءل في حسهم كل ما وراءهم قبل هذا اليوم ، فيقسمون : ما لبثوا غير ساعة . ويحتمل أن يكون قسمهم منصبا على مدة لبثهم في القبور ، كما يحتمل أن يكون ذلك عن لبثهم في الأرض أحياء وأمواتا . ( كذلك كانوا يؤفكون )ويصرفون عن الحق والتقدير الصحيح حتى يردهم أولو العلم الصحيح إلى التقدير الصحيح :

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيۡرَ سَاعَةٖۚ كَذَٰلِكَ كَانُواْ يُؤۡفَكُونَ} (55)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ويوم تجيء ساعة البعث ، فيبعث الخلق من قبورهم ، يقسم المجرمون ، وهم الذين كانوا يكفرون بالله في الدنيا ، ويكتسبون فيه الاَثام ، وإقسامهم : حلفهم بالله . ما لَبِثُوا غيرَ ساعَةٍ : يقول : يقسمون بأنهم لم يلبثوا في قبورهم غير ساعة واحدة . يقول الله جلّ ثناؤه : كذلك في الدنيا كانوا يُؤْفَكُون : يقول : كذبوا في قيلهم وقَسَمِهِم ما لبثنا غير ساعة ، كما كانوا في الدنيا يكذبون ويحلفون على الكذب وهم يعلمون . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ويَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُقْسِمُ المُجْرِمونَ ما لَبِثُوا غيرَ ساعَةٍ كَذلكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ أي يكذبون في الدنيا ، وإنما يعني بقوله : يُؤْفَكُونَ عن الصدق ، ويَصُدّون عنه إلى الكذب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيۡرَ سَاعَةٖۚ كَذَٰلِكَ كَانُواْ يُؤۡفَكُونَ} (55)

ثم أخبر تعالى عن يوم القيامة أن المجرمين يقسمون لجاجاً منهم وتسوراً على ما لا علم لهم به أنهم ما لبثوا تحت التراب غير ساعة وهذا إتباع لتحيلهم الفاسد ونظرهم في ذلك الوقت على نحو ما كانوا في الدنيا يتبعون ذلك ، و { يؤفكون } عن الحق أي يصرفون وقيل المعنى ما لبثوا الدنيا كأنهم استقلوهم لما عاينوا من أمر الآخرة{[9337]} .

قال القاضي أبو محمد : وهذا يضعفه قوله تعالى : { كذلك كانوا يؤفكون } إذ لو أراد تقليل الدنيا بالإضافة إلى الآخرة لكان منزعاً سديداً وكان قولهم { ساعة } تجوزاً في القدر والموازنة .


[9337]:وهذا كقوله تعالى: {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها}.