في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (56)

48

فأما إبراهيم فهو مستيقن واثق عارف بربه ، متمثل له في خاطره وفكره ، يقولها كلمة المؤمن المطمئن لإيمانه :

( قال : بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن ، وأنا على ذلكم من الشاهدين ) .

فهو رب واحد . رب الناس ورب السماوات والأرض . ربوبيته ناشئة عن كونه الخالق . فهما صفتان لا تنفكان : ( بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن ) . . فهذه هي العقيدة المستقيمة الناصعة ، لا كما يعتقد المشركون أن الآلهة أرباب ، في الوقت الذي يقرون أنها لا تخلق ، وأن الخالق هو الله . ثم هم يعبدون تلك الآلهة التي لا تخلق شيئا وهم يعلمون !

إنه واثق وثوق الذي يشهد على واقع لا شك فيه : ( وأنا على ذلكم من الشاهدين ) . . وإبراهيم - عليه السلام - لم يشهد خلق السماوات والأرض ، ولم يشهد خلق نفسه ولا قومه . . ولكن الأمر من الوضوح والثبوت إلى حد أن يشهد المؤمنون عليه واثقين . . إن كل ما في الكون لينطق بوحدة الخالق المدبر . وإن كل ما في كيان الإنسان ليهتف به إلى الإقرار بوحدانية الخالق المدبر ، وبوحدة الناموس الذي يدبر الكون ويصرفه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (56)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ بَل رّبّكُمْ رَبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ الّذِي فطَرَهُنّ وَأَنَاْ عَلَىَ ذَلِكُمْ مّنَ الشّاهِدِينَ } .

يقول تعالى ذكره : قال إبراهيم لهم : بل جئتكم بالحقّ لا اللعب ، ربكم ربّ السموات والأرض الذي خلقهنّ ، وأنا على ذلكم من أن ربكم هو ربّ السموات والأرض الذي فطرهنّ دون التماثيل التي أنتم لها عاكفون ودون كلّ أحد سواه شاهد من الشاهدين ، يقول : فإياه فاعبدوا لا هذه التماثيل التي هي خلقه التي لا تضرّ ولا تنفع .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (56)

{ قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن } إضراب عن كونه لاعبا بإقامة البرهان على ما ادعاه وهن للسموات والأرض أو للتماثيل ، وهو أدخل في تضليلهم وإلزام الحجة عليهم . { وأنا على ذلكم } أي المذكور من التوحيد . { من الشاهدين } من المتحققين له والمبرهنين عليه ، فإن الشاهد من تحقق الشيء وحققه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (56)

قوله تعالى : { وأنا على ذلكم من الشاهدين } إعلام لهم بأنه مُرسل من الله لإقامة دين التوحيد لأن رسول كلّ أمة شهيد عليها كما قال تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } [ النساء : 41 ] ، ولم يكن يومئذ في قومه من يشهد ببطلان إلهية أصنامهم ، فتعين أن المقصود من الشاهدين أنه بعض الذين شهدوا بتوحيد الله بالإلهية في مختلف الأزمان أو الأقطار .

ويحتمل معنى التأكيد لذلك بمنزلة القَسَم ، كقول الفرزدق :

شهد الفرزدق حين يلقى ربه *** أن الوليد أحقُّ بالعذر