قوله : { الَّذِي فطَرَهُنَّ } : يجوزُ أَنْ يكونَ مرفوعَ الموضعِ ، أو منصوبَه على القطع . والضميرُ المنصوبُ في " فَطَرَهُنَّ " للسماواتِ والأرض . قال الشيخ : " ولَمَّا لم تكنْ السماواتُ والأرضُ تبلُغُ في العددِ الكَثيرِ منه جاء الضميرُ ضميرَ القلة " . قلت : إنْ عَنَى لم يَبْلُغْ كلُّ واحدٍ من السماواتِ والأرض فمُسَلَّم ، ولكنه غيرُ مرادٍ بل المرادُ المجموعُ . وإنْ عَنَى لم يبلُغْ المجموعُ منهما فغيرُ مُسَلَّمٍ ؛ لأنه يبلغ أربعَ عشرةَ ، وهو في حَدّ جمع الكثرةِ ، اللهم إلاَّ أَنْ نقولَ : إنَّ الأرضَ شخصٌ واحدٌ ، وليسَتْ بسبعٍ كالسماءِ على ما رآه بعضُهم فَيَصِحُّ له ذلك ولكنه غيرُ مُعَوَّلٍ عليه .
وقيل : على التماثيل . قال الزمخشري : " وكونُه للتماثيل أثبتُ لتَضْليلِهم ، وأدخلُ في الاحتجاجِ عليهم " . وقال ابن عطية : فَطَرَهُنَّ عبارةٌ عنها كأنها تَعْقِلُ ، وهذه من حيث لها طاعةٌ وانقيادٌ ، وقد وُصِفَتْ في مواضعَ بوَصْفِ مَنْ يَعْقِلُ " . وقال غيرُه : " فَطَرَهُنَّ : أعادَ ضميرَ مَنْ يَعْقِلُ لَمَّا صَدَرَ منهنَّ من الأحوالِ التي تَدُلُّ على أنَّها من قبيل مَنْ يَعْقِلُ ؛ فإنَّ اللهَ تعالى أخبر بقولِه : { أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } [ فصلت : 11 ] . وقوله عليه السلام : " أطَّتِ السماءُ وحُقَّ لها أَنْ تَئِطَّ " .
قلت : كأنَّ ابنَ عطيةَ وهذا القائلَ تَوَهَّما أن " هُنَّ " ، من الضمائرِ المختصةِ بالمؤنثات العاقلاتِ ، وليس كذلك بل هو لفظٌشتركٌ بين العلاقاتِ وغيرها . قال تعالى : { مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } [ التوبة : 36 ] ثم قال تعالى : { فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ } .
قوله : { عَلَى ذلِكُمْ } متعلقٌ بمحذوفٍ ، أو ب " الشاهدين " اتساعاً ، أوعلى البيان . وقد تقدَّم نظيرُه نحو : { لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } [ الأعراف : 21 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.