في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبٗا وَءَابَآؤُنَآ أَئِنَّا لَمُخۡرَجُونَ} (67)

59

وقال الذين كفروا : أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون ? . .

وهذه كانت العقدة التي يقف أمامها الذين كفروا دائما : أإذا فارقتنا الحياة ، ورمت أجسادنا وتناثرت في القبور ، وصارت ترابا . . أإذا وقع هذا كله - وهو يقع للموتى بعد فترة من دفنهم إلا في حالات نادرة شاذة - أإذا وقع هذا لنا ولآبائنا الذين ماتوا قبلنا يمكن أن نبعث أحياء كرة أخرى ، وأن نخرج من الأرض التي اختلط رفاتنا بترابها فصار ترابا ?

يقولون هذا وتقف هذه الصورة المادية بينهم وبين تصور الحياة الأخرى . وينسون أنهم خلقوا أول مرة ولم يكونوا من قبل شيئا . ولا يدري أحد أين كانت الخلايا والذرات التي تكونت منها هياكلهم الأولى . فلقد كانت مفرقة في أطواء الأرض وأعماق البحار وأجواز الفضاء . فمنها ما جاء من تربة الأرض ، ومنها ما جاء من عناصر الهواء والماء ، ومنها ما قدم من الشمس البعيدة ، ومنها ما تنفسه إنسان أو نبات أو حيوان ، ومنها ما انبعث من جسد رم وتبخرت بعض عناصره في الهواء ! . . ثم تمثلت هذه الخلايا والذرات في طعام يأكلونه ، وشراب يشربونه ، وهواء يتنفسونه ، وشعاع يستدفئون به . . ثم إذا هذا الشتيت الذي لا يعلم عدده إلا الله ، ولا يحصي مصادره إلا الله ، يتجمع في هيكل إنسان ؛ وهو ينمو من بويضة عالقة في رحم ، حتى يصير جسدا مسجى في كفن . . فهؤلاء في خلقتهم أول مرة ، فهل عجب أن يكونوا كذلك أو على نحو آخر في المرة الآخرة ! ولكنهم كانوا هكذا يقولون . وبعضهم ما يزال يقوله اليوم مع شيء من الاختلاف !

هكذا كانوا يقولون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبٗا وَءَابَآؤُنَآ أَئِنَّا لَمُخۡرَجُونَ} (67)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَإِذَا كُنّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنّا لَمُخْرَجُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا هََذَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هََذَآ إِلاّ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ } .

يقول تعالى ذكره : قال : الذين كفروا بالله أئنا لمخرجون من قبورنا أحياء ، كهيئتنا من بعد مماتنا بعد أن كنا فيها ترابا قد بلينا لَقَدْ وُعِدْنا هَذَا نَحْنُ وآباؤُنا مِنْ قَبْلُ يقول : لقد وعدنا هذا من قبل محمد ، واعدون وعدوا ذلك آباءنا ، فلم نر لذلك حقيقة ، ولم نتبين له صحة إنْ هذَا إلاّ أساطِيرُ الأوّلِينَ يقول : قالوا : ما هذا الوعد إلا ما سطّر الأوّلون من الأكاذيب في كتبهم ، فأثبتوه فيها وتحدّثوا به من غير أن يكون له صحة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبٗا وَءَابَآؤُنَآ أَئِنَّا لَمُخۡرَجُونَ} (67)

{ وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون } كالبيان لعمههم والعامل في إذا ما دل عليه { أئنا لمخرجون } ، وهو نخرج لا مخرجون لأن كلا من الهمزة وإن واللام مانعة من عمله فيما قبلها ، وتكرير الهمزة للمبالغة في الإنكار ، والمراد بالإخراج الإخراج من الأجداث أو من حال الفناء إلى الحياة ، وقرأ نافع " إذا كنا " بهمزة واحدة مكسورة ، وقرأ ابن عامر والكسائي " إننا لمخرجون " بنونين على الخبر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبٗا وَءَابَآؤُنَآ أَئِنَّا لَمُخۡرَجُونَ} (67)

استبعد الكفار أن تبعث الأجساد والرمم من القبور واستملحوا ذلك فذكر ذلك عنهم على جهة الرد عليهم ، وقرأ أبو عمرو وابن كثير «أ . ذا . أ . ن » مهموز ، غير أن أبا عمرو يمد وابن كثير لا يمد{[9066]} ، وقرأ عاصم وحمزة «أإذا أإنا » بهمزتين فيهما ، وقرأ نافع «إذا » مكسورة الألف «أنا . » ممدوة الألف ، وقرأ الباقون «آيذا » ممدودة «إننا » بنونين وكسر الألف .


[9066]:جمعا بين الاستفهامين وقلبا الثانية ياء، لكن أبا عمرو يفصل بينهما بألف.