اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبٗا وَءَابَآؤُنَآ أَئِنَّا لَمُخۡرَجُونَ} (67)

قوله : { وَقَالَ الذين كفروا } يعني مشركي مكة ، «أَئِذَا » تقدم الكلام في الاستفهامين إذا اجتمعا في سورة الرعد{[39405]} . والعامل في «إِذَا » محذوف يدلّ عليه «لَمُخْرجُونَ » تقديره : نبعث ونخرج ، ولا يجوز أن يعمل فيها «مُخْرجُونَ » لثلاثة موانع : الاستفهام ، وأنّ ، ولام الابتداء ، وفي لام الابتداء في خبر إنّ خلاف{[39406]} ، وذكر الزمخشري هنا عبارة حُلوة ، فقال : لأنّ بين يدي عمل اسم الفاعل فيه عقاباً ، وهي همزة الاستفهام ، وإن ، ولام الابتداء ، وواحدة منها كافية ، فكيف إذا اجتمعن{[39407]} ؟ وقال أيضاً : فإنْ قلت : لم قَدّم في هذه الآية «هذَا » على «نَحْنُ وآبَاؤُنَا » وفي آية أخرى قدّم «نَحْنُ وَآبَاؤُنَا »{[39408]} على «هَذَا » ؟ قلت : التقديم دليل على أن المقدّم هو المعنى المعتمد بالذكر وأن الكلام إنّما سيق لأجله : ففي إحدى الآيتين دلّ على اتخاذ البعث الذي هو يعمد بالكلام ، وفي الأخرى على اتخاذ{[39409]} المبعوث بذلك الصدد{[39410]} . و «آبَاؤُنَا » عطف على اسم كان{[39411]} ، وقام الفصل بالخبر مقام الفصل بالتوكيد{[39412]} .

فصل :

«إِنَّا لَمُخْرَجُونَ » من قبورنا أحياء ،


[39405]:يشير إلى قوله تعالى: {وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا تراباً}[5].
[39406]:انظر الهمع 1/140.
[39407]:الكشاف 3/151. وقول الزمخشري: عمل اسم الفاعل. فيه نظر، لأن الذي في الآية اسم مفعول هو "لمخرجون".
[39408]:يشير إلى قوله تعالى: {لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين}[المؤمنون: 83].
[39409]:في الأصل: إيجاب.
[39410]:الكشاف 3/151.
[39411]:وهو الضمير في "كنا".
[39412]:انظر التبيان 2/2013.