قوله تعالى : " وقال الذين كفروا " يعني مشركي مكة . " إذا كنا ترابا وآباؤنا آينا{[12315]} لمخرجون " هكذا يقرأ نافع هنا وفي سورة : [ العنكبوت ] . وقرأ أبو عمرو باستفهامين إلا أنه خفف الهمزة . وقرأ عاصم وحمزة أيضا باستفهامين إلا أنهما حققا الهمزتين ، وكل ما ذكرناه في السورتين جميعا واحد . وقرأ الكسائي وابن عامر ورويس ويعقوب : " أئذا " بمهزتين " إننا " بنونين على الخبر في هذه السورة ؛ وفي سورة : [ العنكبوت ] باستفهامين ، قال أبو جعفر النحاس : القراءة " إذا كنا ترابا وآباؤنا آينا لمخرجون " موافقة للخط حسنة ، وقد عارض فيها أبو حاتم فقال وهذا معنى كلامه : " إذا " ليس باستفهام و " آينا " استفهام وفيه " إن " فكيف يجوز أن يعمل ما في حيز الاستفهام فيما قبله ؟ ! وكيف يجوز أن يعمل ما بعد " إن " فيما قبلها ؟ ! وكيف يجوز غدا إن زيدا خارج ؟ ! فإذا كان فيه استفهام كان أبعد ، وهذا إذا سئل عنه كان مشكلا لما ذكره . وقال أبو جعفر : وسمعت محمد بن الوليد يقول : سألنا أبا العباس عن آية من القرآن صعبة مشكلة ، وهي قول الله تعالى : " وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد " [ سبأ : 7 ] فقال : إن عمل في " إذا " " ينبئكم " كان محالا ؛ لأنه لا ينبئهم ذلك الوقت ، وإن عمل فيه ما بعد " إن " كان المعنى صحيحا وكان خطأ في العربية أن يعمل ما قبل " إن " فيما بعدها ، وهذا سؤال بين رأيت أن يذكر في السورة التي هو فيها ، فأما أبو عبيد فمال إلى قراءة نافع ورد على من جمع بين استفهامين ، واستدل بقوله تعالى : " أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم " [ آل عمران : 144 ] وبقوله تعالى : " أفإن مت فهم الخالدون " [ الأنبياء : 34 ] وهذا الرد على أبي عمرو وعاصم وحمزة وطلحة والأعرج لا يلزم منه شيء ، ولا يشبه ما جاء به من الآية شيئا ، والفرق بنهما أن الشرط وجوابه بمنزلة شيء واحد ، ومعنى : " أفإن مت فهم الخالدون " [ الأنبياء : 34 ] أفإن مت خلدوا . ونظير هذا : أزيد منطلق ، ولا يقال : أزيد أمنطلق ؛ لأنها بمنزلة شيء واحد وليس كذلك الآية ؛ لأن الثاني جملة قائمة بنفسها فيصلح فيها الاستفهام ، والأول كلام يصلح فيه الاستفهام ، فأما من حذف الاستفهام من الثاني وأثبته في الأول فقرأ : " أئذا كنا ترابا وآباؤنا إننا " فحذفه من الثاني ؛ لأن في الكلام دليلا عليه بمعنى الإنكار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.