في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَآؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (23)

17

( ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله . إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ) . .

وهذه آية كذلك تجمع بين ظواهر كونية وما يتعلق بها من أحوال البشرية ، وتربط بين هذه وتلك . وتنسق بينهما في صلب هذا الوجود الكبير . . تجمع بين ظاهرتي الليل والنهار ونوم البشر ونشاطهم ابتغاء رزق الله ، الذي يتفضل به على العباد ، بعد أن يبذلوا نشاطهم في الكد والابتغاء ، وقد خلقهم الله متناسقين مع الكون الذي يعيشون فيه ؛ وجعل حاجتهم إلى النشاط والعمل يلبيها الضوء والنهار ؛ و حاجتهم إلى النوم والراحة يلبيها الليل والظلام . مثلهم مثل جميع الأحياء على ظهر هذا الكوكب على نسب متفاوتة في هذا ودرجات . وكلها تجد في نظام الكون العام ما يلبي طبيعتها ويسمح لها بالحياة .

( إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ) . . والنوم والسعي سكون وحركة يدركان بالسمع . ومن ثم يتناسق هذا التعقيب في الآية القرآنية مع الآية الكونية التي تتحدث عنها على طريقة القرآن الكريم

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَآؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (23)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِالْلّيْلِ وَالنّهَارِ وَابْتِغَآؤُكُمْ مّن فَضْلِهِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ومن حججه عليكم أيها القوم تقديره الساعات والأوقات ، ومخالفته بين الليل والنهار ، فجعل الليل لكم سكنا تسكنون فيه ، وتنامون فيه ، وجعل النهار مضيئا لتصرّفكم في معايشكم والتماسكم فيه من رزق بكم إنّ فِي ذلكَ لاَياتٍ لقَوْمٍ يَسْمَعُونَ يقول تعالى ذكره : إن في فعل الله ذلك كذلك ، لعبرا وذكرى وأدلة على أن فاعل ذلك لا يُعجزه شيء أراده لقوم يسمعون مواعظ الله ، فيتعظون بها ، ويعتبرون فيفهمون حجج الله عليهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَآؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (23)

{ ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله } منامكم في الزمنين لاستراحة القوى النفسانية وتقوي القوى الطبيعية وطلب معاشكم فيها ، أو منامكم بالليل وابتغاؤكم بالنهار فلف وضم بين الزمانين والفعلين بعاطفين إشعارا بأن كلا من الزمانين وإن اختص بأحداهما فهو صالح للآخر عند الحاجة ، ويؤيده سائر الآيات الواردة فيه . { إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون } سماع نفهم واستبصار فإن الحكمة فيه ظاهرة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَآؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (23)

ذكر تعالى النوم { بالليل والنهار } وعرف النوم إنما هو بالليل وحده ، ثم ذكر الابتغاء { من فضله } كأنه فيهما وإنما معنى ذلك أنه عم بالليل والنهار فسمى الزمان وقصد من ذلك تعديد آية النوم وتعديد آية ابتغاء الفضل فإنهما آيتان تكونان في ليل ونهار ، والعرف يجيز{[9297]} كل واحدة من النعمتين أي محلها من الأغلب ، وقال بعض المفسرين في الكلام تقديم وتأخير{[9298]} .

قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا ضعيف وإنما أراد أن يرتب النوم لليل والابتغاء للنهار ولفظ الآية لا يعطي ما أراد .


[9297]:هكذا بالأصل، والمعنى قد يقبلها على قلق في التعبير.
[9298]:ويكون التقدير: ومن آياته منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار، فحذف حرف الجر في (بالنهار) لاتصاله بالليل وعطفه عليه، والواو تقوم مقام حرف الجر إذا اتصلت بالمعطوف عليه في الاسم الظاهر خاصة. هكذا قدره القرطبي. وقال في البحر المحيط: "وهذا ضعيف، ولفظ الآية لا يعطي ذلك" فاتفق مع ابن عطية في الرأي.