غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَآؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (23)

1

وحيث ذكر بعض العرضيات اللازمة أراد أن يذكر الأعراض المفارقة بعضها فقال { ومن آياته منامكم } قال جار الله : هذا من باب اللف والنشر وتقدير الكلام . ومن آياته منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار ليكون موافقاً لما جاء في مواضع آخر كقوله { وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً } [ النبأ : 10 ، 11 ] وقدم المنام على الابتغاء لأن الاستراحة مطلوبة لذاتها والطلب لا يكون إلا لحاجة قال : وإنما فصل بين القرينتين الأوليين بالقرينتين الآخريين لأنهما زمانان ، والزمان والواقع فيه كشيء واحد مع إعانة اللف على الاتحاد يعني كأنه لم يعطف النهار على الليل والابتغاء على المنام . وجوز أن يراد منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار ، فان الإنسان كثيراً ما ينام بالنهار وبكسب بالليل . وفي اقتران الفضل بالابتغاء إشارة إلى أن العبد ينبغي أن لا يرى الرزق من نفسه وبحذقه بل يرى كل ذلك من فضل ربه .

/خ32