فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَآؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (23)

{ وَمِنْ ءاياته مَنَامُكُم باليل والنهار وابتغاؤكم مّن فَضْلِهِ } قيل : في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير : ومن آياته منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار . وقيل : المعنى صحيح من دون تقديم وتأخير ، أي ومن آياته العظيمة أنكم تنامون بالليل ، وتنامون بالنهار في بعض الأحوال للاستراحة كوقت القيلولة ، وابتغاؤكم من فضله فيهما ، فإن كل واحد منهما يقع فيه ذلك ، وإن كان ابتغاء الفضل في النهار أكثر . والأوّل هو المناسب لسائر الآيات الواردة في هذا المعنى ، والآخر هو المناسب للنظم القرآني هاهنا . ووجه ذكر النوم والابتغاء هاهنا ، وجعلهما من جملة الأدلة على البعث : أن النوم شبيه بالموت ، والتصرّف في الحاجات والسعي في المكاسب شبيه بالحياة بعد الموت { إِنَّ فِي ذلك لآيات لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } أي يسمعون الآيات والمواعظ سماع متفكّر متدبر ، فيستدلون بذلك على البعث .

/خ27