تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَآؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (23)

الآية 23 وقوله تعالى : { ومن آياته منامكم بالليل والنهار } لأن النوم يأخذهم من غير أن يعرفوا أنه من أين مأتاه ومأخذه ؟ ثم يأخذ منهم جميع الأحياء من السمع والنطق والفهم والرؤية وجميع ما ينتفع به قبل ذلك .

ثم يرد ذلك إليهم من غير أن عرفوا ذلك ، فيعودون إلى ما كانوا من المنافع والاكتساب ليعلم أن من قدر على مثل هذا يقدر على أخذ الروح ونفسه ورده إليه ، فهو أخو الموت .

قال الله تعالى : { وهو الذي يتوفاكم بالليل } [ الأنعام : 60 ] [ سمى النوم ]( {[15958]} ) الوفاة ، وهو مثلها( {[15959]} ) لما ذكرنا أن جميع منافع الأحياء يرتفع ، ويزول بالنوم ، ثم يرد إليه من غير أن يشعر بذلك . فمن قدر [ على هذا يقدر ]( {[15960]} ) على الإحياء بعد الموت .

وقوله تعالى : { وابتغاؤكم من فضله } وجهة الآية في ما يبتغون( {[15961]} ) من فضله ، وهو خلقه تلك المكاسب والتجارات والحرف التي يبتغون بها الرزق .

أخبر أنه خلق ذلك منهم . ففيه دلالة خلق أفعال العباد . فهو على المعتزلة لإنكارهم خلق أفعالهم ، أو أن تكون وجهة الآية فيه ما عرفهم تلك المكاسب والتجارات والحرف ، وعلمهم إياها ، وأحوجهم إليها ليصلوا إلى منافعهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون } يحتمل قوله : { لقوم يسمعون } أي ينتفعون بسمعهم ، أو لقوم يجيبون . والسمع يجوز أن يعبر به عن الإجابة كقوله صلى الله عليه وسلم : ( سمع الله لمن حمده ) [ البخاري 690 ] أي أجاب الله لمن دعاه ، أو أن يكون قوله : { لقوم يسمعون } أي يعقلون . تجوز العبارة كقوله : { إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون } [ يونس : 67 ] أي يعقلون . ويقال : لقوم يسمعون المواعظ ، فيقبلونها فينتفعون بها .


[15958]:من م، ساقطة من الأصل.
[15959]:في الأصل وم: مثله.
[15960]:من م، ساقطة من الأصل.
[15961]:في الأصل وم: ينتفعون.