قوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بالليل والنهار } لما ذكر الأعراض اللازمة وهي الاختلاف ذكر الأعراض المفارقة ومن جملتها النوم بالليل والحركة بالنهار طلباً للرزق ( و{[41920]} ) قيل : في الآية تقديم وتأخير ليكون كل واحد مع ما يلائمه ، والتقدير ومن آياته منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار ، فحذف حرف الجر لاتصاله بالليل ، وعطفه عليه لأن حرف العطف{[41921]} قد يقوم مَقَامَ الجَارِّ ، والأحسن أن يجعل على حاله .
والنوم بالنهار مما كانت العرب تَعُدُّه نعمةً من الله ، ولا سيما في أوقات القَيْلُولَةِ في البلاد الحارة ، وقوله : { وابتغاؤكم مِن فَضْلِهِ } أي منهما{[41922]} فإن كثيراً ما{[41923]} يكتسب الإنسان بالليل ، ويدل على الأول قوله تعالى : { وَجَعَلْنَا آيَةَ النهار مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِِن رَبِّكم } [ الإسراء : 12 ] وقوله تعالى : { وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً } [ النبأ : 10 - 11 ] ، ثم قال : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } سماع تدبير واعتبار وقال ههنا : «لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ » ومن قبل : «لقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ » وقال : «لِلْعَالَمِينَ » لأن المنام بالليل ، والابتغاء{[41924]} يظّن الجاهل أو الغافل أنهما مما يقتضيه طبع الحيوان فلا يظهر لكل أحد كونهما من نعم الله ، فلم يقل آياتٍ للعالمين ، ولأن الأمرين الأولين وهو اختلاف الألسن{[41925]} والألوان من اللوازم والمنام والابتغاء من الأمور المفارقة فالنظر إليهما لا يدوم لزوالهما في بعض الأوقات ولا كذلك اختلاف الألسنة والألوان فإنهما يدومان بدَوَام الإنسان فجعلهما آيات عامة ، وأما قوله : «لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ » فإن من الأشياء ما يعلم من غير تفكر ، ومنها ما يكفي فيه مُجَرَّدُ الفكرة ، ومنها ما يحتاج بعض الناس في تفهمه إلى مثل حسيّة{[41926]} كالأشكال الهندسية ، لأن خلق الأرواح لا تقع لأحد أنه بالطبع إلا إذا كان{[41927]} جامد الفكرة ، فإذا تفكر علم كون ذلك الخلق آية ، وأما المنام والابتغاء فقد يقع لكثير أنهما من أفعال العباد ، وقد يحتاج إلى مرشد بغير فكرة فقال : «لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ » ويجعلون بالهم من كلام المرشد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.