في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَيۡلَكُمۡ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّمَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗاۚ وَلَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلصَّـٰبِرُونَ} (80)

76

فأما المتصلون بالله فلهم ميزان آخر يقيم الحياة ، وفي نفوسهم قيم أخرى غير قيم المال والزينة والمتاع . وهم أعلى نفسا ، وأكبر قلبا من أن يتهاووا ويتصاغروا أمام قيم الأرض جميعا . ولهم من استعلائهم بالله عاصم من التخاذل أمام جاه العباد . وهؤلاء هم ( الذين أوتوا العلم ) . العلم الصحيح الذي يقومون به الحياة حق التقويم :

( وقال الذين أوتوا العلم : ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ، ولا يلقاها إلا الصابرون ) .

ثواب الله خير من هذه الزينة ، وما عند الله خير مما عند قارون . والشعور على هذا النحو درجة رفيعة لا يلقاها إلى الصابرون . . الصابرون على معايير الناس ومقاييسهم . الصابرون على فتنة الحياة وإغرائها . الصابرون على الحرمان مما يتشهاه الكثيرون . وعندما يعلم الله منهم الصبر كذلك يرفعهم إلى تلك الدرجة . درجة الاستعلاء على كل ما في الأرض ، والتطلع إلى ثواب الله في رضى وثقة واطمئنان .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَيۡلَكُمۡ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّمَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗاۚ وَلَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلصَّـٰبِرُونَ} (80)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ الّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللّهِ خَيْرٌ لّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقّاهَآ إِلاّ الصّابِرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وقال الذين أوتوا العلم بالله ، حين رأوا قارون خارجا عليهم في زينته ، للذين قالوا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون : ويلكم اتقوا الله وأطيعوه ، فثواب الله وجزاؤه لمن آمن به وبرسله ، وعمل بما جاءت به رسله من صالحات الأعمال في الاَخرة ، خير مما أوتي قارون من زينته وماله لقارون . وقوله : وَلا يُلَقّاها إلاّ الصّابِرُونَ يقول : ولا يلقاها : أي ولا يوفّق لقيل هذه الكلمة ، وهي قوله : ثَوَابُ اللّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وعَمِلَ صَالِحا والهاء والألف كناية عن الكلمة . وقال : إلاّ الصّابِرُونَ يعني بذلك : الذين صبروا عن طلب زينة الحياة الدنيا ، وآثروا ما عند الله من جزيل ثوابه على صالحات الأعمال على لذّات الدنيا وشهواتها ، فجدّوا في طاعة الله ، ورفضوا الحياة الدنيا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَيۡلَكُمۡ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّمَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗاۚ وَلَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلصَّـٰبِرُونَ} (80)

{ وقال الذين أوتوا العلم } بأحوال الآخرة للمتمنين . { ويلكم } دعاء بالهلاك استعمل للزجر عما لا يرتضى . { ثواب الله } في الآخرة . { خير لمن آمن وعمل صالحا } مما أوتي قارون بل من الدنيا وما فيها . { ولا يلقاها } الضمير فيه للكلمة التي تكلم بها العلماء أو لل{ ثواب } ، فإنه معنى المثوبة أو الجنة أو للإيمان والعمل الصالح فإنهما في معنى السيرة والطريقة . { إلا الصابرون } على الطاعات وعن المعاصي .