السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَيۡلَكُمۡ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّمَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗاۚ وَلَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلصَّـٰبِرُونَ} (80)

ودل على جهلهم وفضل العلم الرباني وحقارة ما أوتي قارون من المال والعلم الظاهر الذي أدى إلى اتباعه قوله تعالى : { وقال الذين أوتوا العلم } وهم أهل الدين قال ابن عباس : رضي الله تعالى عنهما يعني الأحبار من بني إسرائيل ، وقال مقاتل : أوتوا العلم بما وعد الله في الآخرة فقالوا للذين تمنوا { ويلكم } ويل : أصله الدعاء بالهلاك ثم استعمل في الزجر والردع والبعث على ترك ما يضر ، وهو منصوب بمحذوف أي : ألزمكم الله ويلكم { ثواب الله } أي : الجليل العظيم { خير } أي : من هذا الحطام الذي أوتيه قارون في الدنيا بل من الدنيا وما فيها ومن فاته الخير حل به الويل ، ثم بينوا مستحقه تعظيماً له وترغيباً للسامع في حاله بقولهم { لمن آمن وعمل } تصديقاً لإيمانه { صالحاً } ثم بين تعالى عظمة هذه النصيحة وعلو قدرها بقوله تعالى : { ولا يلقاها } أي : هذه النصيحة التي قالها أهل العلم وهي الزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله أو الجنة المثاب بها { إلا الصابرون } أي : على أداء الطاعات والاحتراز عن المحرّمات وعلى الرضا بقضاء الله في كل ما قسم من المنافع والمضار الذين صار الصبر لهم خلقاً .