الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَيۡلَكُمۡ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّمَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗاۚ وَلَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلصَّـٰبِرُونَ} (80)

ثم قال تعالى : { وقال الذين أتوا العلم }[ 80 ] ، أي اليقين والإيمان { ويلكم ثواب الله }[ 80 ] ، أي اتقوا الله وأطيعوه ، فثواب الله لمن آمن به وبرسله { خير } مما أوتي قارون من زينته وماله . { ولا يلقاها إلا الصابرون } أي لا يوفق لقول هذه الكلمة وهي ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا }[ 80 ] ، إلا الصابرون . أي إلا الذين صبروا عن زينة الحياة الدنيا ، وآثروا ما عند الله من النعيم على شهوات الدنيا .

ثم قال تعالى : { فخسفنا ه وبداره الارض } أي فخسفنا بقارون وأهل داره .

روي : أن موسى عليه السلام أمر الأرض أن تأخذه ، ومن كان يتبعه من جلسائه في داره ، وكان معه جماعة وهم على مثل حاله من النفاق على موسى{[54266]} .

قال ابن عباس : لما نزلت الزكاة أتى موسى قارون فصالحه على كل دينار دينارا ، وعلى كل ألف درهم درهما ، وعلى كل ألف شاة شاة . ثم أتى قارون بيته فحسبه فوجده كثيرا ، فجمع بني إسرائيل ، فقال : يا بني إسرائيل إن موسى قد أمركم بكل شيء فأطعتموه وهو الآن يرد أن يأخذ من أموالكم ، فقالوا له : أنت كبيرنا وسيدنا ، فمرنا بما شئت ، فقال : آمركم تجيئوا بفلانة البغي فنجعل لها جعلا فتقذفه بنفسها ، فدعوها فجعلوا لها على أن تقذفه بنفسها ، ثم أتى موسى ، فقال لموسى إن بني إسرائيل قد اجتمعوا لتأمرهم وتنهاهم ، فخرج إليهم وهم في براح من الأرض ، فقال يا بني إسرائيل : من سرق قطعنا يده ، ومن افترى جلدناه بثمانين ، ومن زنى وليس له امرأة جلدناه مائة ، ومن زنى وله امرأة جلدناه حتى يموت أو رجمناه حتى يموت . فقال له قارون : إن كنت أنت ، قال : وإن كنت أنا ، قال : فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة ، فقال : ادعوها ، فإن قالت فهو كما قالت ، فلما أن جاءت ، قال لها موسى : يا فلانة ، قالت : لبيك ، قال : أنا فعلت بك ما يقول هؤلاء ؟ قالت : لا وقد كذبوا ، وقد جعلوا لي جعلا على أن أقذفك بنفسي فوثب وسجد وهو بينهم فأوحى{[54267]} الله إليه : مر الأرض بما شئت ، فقال : يا أرض خذيهم ، فأخذتهم/ ، إلى أقدامهم ، ثم قال : يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى ركبهم ، ثم كذلك حتى أخذتهم إلى أعناقهم ، فجعلوا يقولون : يا موسى ، يا موسى ، ويتضرعون إليه ، فقال : يا أرض خذيهم ، فأطبقت عليهم ، فأوحى الله إليه : يا موسى ، يقول لك عبادي يا موسى ، يا موسى ، لا ترحمهم ، أما لو إياي{[54268]} دعوا لوجدوني قريبا مجيبا .

قال ابن عباس : خسف به وبداره إلى الأرض السابعة{[54269]} .

قال ابن جريج : بلغنا أن قارون يخسف به كل يوم{[54270]} قامة ، ولا يبلغ إلى أسفل الأرض إلى يوم القيامة{[54271]} .

وقال مالك بن دينار : بلغنا أن قارون يخسف به كل يوم مائة قامة{[54272]} .


[54266]:انظر: ابن جرير20/116.
[54267]:"فآوى" وهو تحريف عما أثبته.
[54268]:ع: إياني.
[54269]:ابن جرير20/119، وابن كثير5/302.
[54270]:لعل هنا سقط في العبارة تقديره "مائة قامة" انظر: ابن جرير20/119.
[54271]:انظر: ابن جرير20/119، وزاد المسير6/245، والدر20/443.
[54272]:انظر: ابن جرير20/119. وانظر: التوجيه في ابن كثير5/302.