ولكن الحواريين كرروا الطلب ، معلنين عن علته وأسبابه وما يرجون من ورائه :
( قالوا : نريد أن نأكل منها ، وتطمئن قلوبنا ، ونعلم أن قد صدقتنا ، ونكون عليها من الشاهدين ) .
فهم يريدون أن يأكلوا من هذا الطعام الفريد الذي لا نظير له عند أهل الأرض . وتطمئن قلوبهم برؤية هذه الخارقة وهي تتحقق أمام أعينهم ؛ ويستيقنوا أن عيسى عليه السلام قد صدقهم ، ثم يكونوا شهودا لدى بقية قومهم على وقوع هذه المعجزة .
وكلها أسباب كما قلنا تصور مستوى معينا دون مستوى أصحاب محمد [ ص ] فهؤلاء طراز آخر بالموازنة مع هذا الطراز !
القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُواْ نُرِيدُ أَن نّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشّاهِدِينَ } . .
يعني تعالى ذكره بذلك : قال الحواريون مجيبي عيسى على قوله لهم : " اتّقُوا اللّهَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " في قولكم " هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبّكَ أنْ يُنَزّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السّماءِ " : أنّا إنما قلنا ذلك وسألناك أن تسأل لنا ربنا لنأكل من المائدة ، فنعلم يقينا قدرته على كلّ شيء ، " وتَطْمَئِنّ قُلُوبُنا " يقول : وتسكن قلوبنا وتستقرّ على وحدانيته وقدرته على كلّ ما شاء وأراد ، ونعلم أن قد صدقتنا ، ونعلم أنك لم تكذّبنا في خبرك أنك لله رسول مرسل ونبيّ مبعوث . " ونَكُونَ عَلَيْها " يقول : ونكون على المائدة ، " مِنَ الشّاهِدِينَ " يقول : ممن يشهد أن الله أنزلها حجة لنفسه علينا في توحيده وقدرته على ما شاء ولك على صدقك في نبوّتك .
{ قالوا نريد أن نأكل منها } تمهيد عذر وبيان لما دعاهم إلى السؤال وهو أن يتمتعوا بالأكل منها . { وتطمئن قلوبنا } بانضمام علم المشاهدة إلى علم الاستدلال بكمال قدرته سبحانه وتعالى . { ونعلم أن قد صدقتنا } في ادعاء النبوة ، أو أن الله يجيب دعوتنا . { ونكون عليها من الشاهدين } إذا استشهدتنا أو من الشاهدين للعين دون السامعين للخبر .
{ قال عيسى ابن مريم } لما رأى أن لهم غرضا صحيحا في ذلك ، أو أنهم لا يقلعون عنه فأراد إلزامهم الحجة بكمالها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.