في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (48)

33

بعد ذلك يمضي السياق يقرر أن الله هو الذي يرسل الرياح ، وينزل المطر ، ويحيي الأرض بعد موتها ، وكذلك يحيي الموتى فيبعثون . . سنة واحدة ، وطريقة واحدة ، وحلقات في سلسلة الناموس الكبير :

( الله الذي يرسل الرياح ) . . وفق ناموسه في تكوين هذا الكون وتنظيمه وتصريفه . ( فتثير سحابا ) . بما تحمله من بخار الماء المتصاعد من كتلة الماء في الأرض . ( فيبسطه في السماء ) . . ويفرشه ويمده . ( ويجعله كسفا ) . . بتجميعه وتكثيفه وتراكمه بعضه فوق بعض ، أو يصطدم بعضه ببعض ، أو تنبعث شرارة كهربائية بين طبقة منه وطبقة ، أو كسفة منه وكسفة . ( فترى الودق يخرج من خلاله )وهو المطر يتساقط من خلال السحاب . ( فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون ) . . ولا يعرف هذا الاستبشار على حقيقته كما يعرفه الذين يعيشون مباشرة على المطر . والعرب أعرف الناس بهذه الإشارة . وحياتهم كلها تقوم على ماء السماء ، وقد تضمنت ذكره أشعارهم وأخبارهم في لهفة وحب وإعزاز !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (48)

القول في تأويل قوله تعالى : { اللّهُ الّذِي يُرْسِلُ الرّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : الله يرسل الرياح فتثير سحابا ، يقول : فتنشىء الرياحُ سحابا ، وهي جمع سحابة ، فيبسطه في السماء كيف يشاء يقول : فينشره الله ، ويجمعه في السماء كيف يشاء ، وقال : فيبسطه ، فوحد الهاء ، وأخرج مخرج كناية المذكر ، والسحاب جمع كما وصفت ردّا على لفظ السحاب ، لا على معناه ، كما يقال : هذا تمر جيد . وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله فَيَبْسُطُهُ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَيَبْسُطُهُ فِي السّماءِ كَيْفَ يَشاءُ ويجمعه .

وقوله : ويَجْعَلُهُ كِسفَا : يقول : ويجعل السحاب قِطعا . متفرّقة ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ويَجْعَلُهُ كِسفَا : أي قطعا .

وقوله فتَرَى الوَدْقَ يعني : المطر يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ يعني : من بين السحاب . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة فتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن قطن ، عن حبيب ، عن عبيد بن عمير يُرْسِلُ الرّياحَ فَتُثِيرُ سَحَابا قال : الرياح أربع : يبعث الله ريحا فتقمّ الأرض قما ، ثم يبعث الله الريح الثانية فتثير سحابا ، فيجعله في السماء كِسفَا ، ثم يبعث الله الريح الثالثة ، فتؤلف بينه فيجعله ركاما ، ثم يبعث الريح الرابعة فتمطر .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : ثَنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فَترَى الوَدقَ قال : القطر .

وقوله : فإذَا أصَابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ يقول : فإذا صرف ذلك الودق إلى أرض من أراد صرفه إلى أرضه من خلقه رأيتهم يستبشرون بأنه صرف ذلك إليهم ويفرحون .