في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرِ ٱسۡمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلۡ إِلَيۡهِ تَبۡتِيلٗا} (8)

( واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا ) . .

وذكر اسم الله ، ليس هو مجرد ترديد هذا الاسم الكريم باللسان ، على عدة المسبحة المئوية أو الألفية ! إنما هو ذكر القلب الحاضر مع اللسان الذاكر ؛ أو هو الصلاة ذاتها وقراءة القرآن فيها . والتبتل هو الانقطاع الكلي عما عدا الله ، والاتجاه الكلي إليه بالعبادة والذكر ، والخلوص من كل شاغل ومن كل خاطر ، والحضور مع الله بكامل الحس والمشاعر .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرِ ٱسۡمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلۡ إِلَيۡهِ تَبۡتِيلٗا} (8)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَاذْكُرِ اسْمَ رَبّكَ وَتَبَتّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً * رّبّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ إِلََهَ إِلاّ هُوَ فَاتّخِذْهُ وَكِيلاً * وَاصْبِرْ عَلَىَ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } .

يقول تعالى ذكره : وَاذْكُرْ يا محمد اسْمَ رَبّكَ فادعه به وَتَبَتّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً يقول : وانقطع إليه انقطاعا لحوائجك وعبادتك دون سائر الأشياء غيره وهو من قولهم : تبتّلتُ هذا الأمر ومنه قيل لأمّ عيسى بن مريم البتول ، لانقطاعها إلى الله ويقال للعابد المنقطع عن الدنيا وأسبابها إلى عبادة الله : قد تبتل ومنه الخبر الذي رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم «أنه نهى عن التبتّل » . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَتَبَتّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً قال : أخلص له إخلاصا .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا يحيى ، عن ابن أبي نجيح ، عن الحكم ، عن مِقْسم ، عن ابن عباس : وَتَبَتّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً قال : أخلص له إخلاصا .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وَتَبَتّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً قال : أخلص له إخلاصا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن مجاهد ، مثله ، إلا أنه قال : أخْلِصْ إليه .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد وَتَبَتّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً قال : أخلص إليه إخلاصا .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي يحيى المكي ، في قوله وَتَبَتّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً قال : أخلص إليه إخلاصا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَتَبَتّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً قال : أخلص إليه المسألة والدعاء .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن أشعث ، عن الحسن ، في قوله : وَتَبَتّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً قال : بَتّل نفسك واجتهد .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَتَبَتّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً يقول : أخلص له العبادة والدعوة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، بنحوه .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَتَبَتّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً قال : أخلص إليه إخلاصا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله وَتَبَتّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً قال : أي تفرّغ لعبادته ، قال : تبتل فحبذا التبتل إلى الله ، وقرأ قول الله : فإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ قال : إذا فرغت من الجهاد فانصب في عبادة الله وَإلى رَبّكَ فارْغَبْ .