{ واذكر اسم ربك } أي : المحسن إليك والموجد والمدبر لك بكل ما يكون ذكراً من اسم وصفة وثناء وخضوع وتسبيح وتحميد وصلاة وقراءة ودعاء وإقبال على علم شرعي وأدب مرعي ، ودُم على ذلك في ليلك ونهارك واحرص عليه ، فإذا عظمت الاسم بالذكر فقد عظمت المسمى بالتوحيد والإخلاص ، وذلك عون لك على مصالح الدارين ، أما الآخرة فواضح وأما الدنيا فقد أرشد النبيّ صلى الله عليه وسلم أعز الخلق عليه فاطمة ابنته رضي الله تعالى عنها لما سألته خادماً يقيها التعب إلى التسبيح والتحميد والتكبير عند النوم .
{ وتبتل } أي : اجتهد في قطع نفسك عن كل شاغل والإخلاص في جميع أعمالها بالتدريج قليلاً قليلاً منتهياً { إليه } ولا تزل على ذلك حتى يصير ذلك لك خلقاً فتكون نفسك كأنها منقطعة بغير قاطع .
وقوله تعالى : { تبتيلاً } مصدر تبتل جيء به رعاية للفواصل وهو ملزوم التبتيل ، قال الزمخشري : فإن قلت كيف قيل تبتيلاً ؟ مكان تبتلاً قلت : لأنّ معنى تبتل بتل نفسه فجيء به على معناه مراعاة لحق الفواصل ا . ه .
والتبتيل الانقطاع ومنه امرأة بتول ، أي : منقطعة عن النكاح ، وفي الحديث أنه نهى عن التبتل وقال : «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة أي : مؤن النكاح فليتزوج » والمراد به في الآية الكريمة الانقطاع إلى عبادة الله تعالى كما مرّت الإشارة إليه دون ترك النكاح . والتبتل في الأصل : الانقطاع عن الناس والجماعات ، وقيل : إن أصله عند العرب التفرّد قاله ابن عرفة ، وقال ابن العربي : هذا فيما مضى ، وأما اليوم فقد مرجت عهود الناس ، وخفت أماناتهم واستولى الحرام على الحطام ، فالعزلة خير من الخلطة ، والعزبة أفضل من التأهل ، ولكن معنى الآية : وانقطع عن الأوثان والأصنام وعن عبادة غير الله تعالى . وكذلك قال مجاهد رضي الله عنه : معناه أخلص له العبادة ولم يرد التبتيل ، فصار التبتل مأموراً به في القرآن منهياً عنه في السنة ومتعلق الأمر غير متعلق النهي فلا يتناقضان ، وإنما بعث لتبيين ما أنزل إليهم ، فالتبتل المأمور به الانقطاع إلى الله تعالى بإخلاص العبادة كما قال تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } [ البينة : 5 ] والتبتل المنهي عنه هو سلوك مسلك النصارى في ترك النكاح والترهب في الصوامع ، لكن عند فساد الزمان يكون " خير مال المسلم غنماً يتبع بها شعف الجبال ومواضع القطر يفرّ بدينه من الفتن " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.