في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٞ لَّا رَيۡبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡعَثُ مَن فِي ٱلۡقُبُورِ} (7)

والذي أنشأ الحياة الأولى هو الذي ينشئها للمرة الآخرة ( وأن الله يبعث من في القبور ) ليلاقوا ما يستحقونه من جزاء . فهذا البعث تقتضيه حكمة الخلق والتدبير .

وإن هذه الأطوار التي يمر بها الجنين ، ثم يمر بها الطفل بعد أن يرى النور لتشير إلى أن الإرادة المدبرة لهذه الأطوار ستدفع بالإنسان إلى حيث يبلغ كماله الممكن في دار الكمال . إذ أن الإنسان لا يبلغ كماله في حياة الأرض ، فهو يقف ثم يتراجع ( لكي لا يعلم من بعد علم شيئا )فلا بد من دار أخرى يتم فيها تمام الإنسان .

فدلالة هذه الأطوار على البعث دلالة مزدوجة . . فهي تدل على البعث من ناحية أن القادر على الإنشاء قادر على الإعادة ، وهي تدل على البعث لأن الإرادة المدبرة تكمل تطوير الإنسان في الدار الآخرة . . وهكذا تلتقي نواميس الخلق والإعادة ، ونواميس الحياة والبعث ، ونواميس الحساب والجزاء وتشهد كلها بوجود الخالق المدبر القادر الذي ليس في وجوده جدال . .