ورابعها : قوله : { وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور } والمعنى أنه لما أقام الدلائل على أن الإعادة في نفسها ممكنة وأنه سبحانه وتعالى قادر على كل الممكنات وجب القطع بكونه قادرا على الإعادة في نفسها ، وإذا ثبت الإمكان والصادق أخبر عن وقوعه فلابد من القطع بوقوعه ، واعلم أن تحرير هذه الدلالة على الوجه النظري أن يقال الإعادة في نفسها ممكنة والصادق أخبر عن وقوعها فلابد من القطع بوقوعها ، أما بيان الإمكان فالدليل عليه أن هذه الأجسام بعد تفرقها قابلة لتلك الصفات التي كانت قائمة بها حال كونها حية عاقلة والبارئ سبحانه عالم بكل المعلومات قادر على كل المقدورات الممكنة وذلك يقتضي القطع بإمكان الإعادة لما قلنا إن تلك الأجسام بعد تفرقها قابلة لتلك الصفات لأنها لو لم تكن قابلة لها في وقت لما كانت قابلة لها في شيء من الأوقات لأن الأمور الذاتية لا تزول ، ولو لم تكن قابلة لها في شيء من الأوقات لما كانت حية عاقلة في شيء من الأوقات ، لكنها كانت حية عاقلة فوجب أن تكون قابلة أبدا لهذه الصفات . وأما أن البارئ سبحانه يمكنه تحصيل ذلك الممكن فلأنه سبحانه عالم بكل المعلومات فيكون عالما بأجزاء كل واحد من المكلفين على التعيين وقادرا على كل الممكنات ، فيكون قادرا على إيجاد تلك الصفات في تلك الذوات . فثبت أن الإعادة في نفسها ممكنة وأنه سبحانه يمكنه تحصيل ذلك الممكن . فثبت أن الإعادة ممكنة في نفسها . فإذا أخبر الصادق عن وقوعها فلابد من القطع بوقوعها ، فهذا هو الكلام في تقرير هذا الأصل . فإن قيل فأي منفعة لذكر مراتب خلقة الحيوانات وخلقة النبات في هذه الدلالة ؟ قلنا إنها تدل على أنه سبحانه قادر على كل الممكنات وعالم بكل المعلومات ، ومتى صح ذلك فقد صح كون الإعادة ممكنة فإن الخصم لا ينكر المعاد إلا بناء على إنكار أحد هذين الأصلين ، ولذلك فإن الله تعالى حيث أقام الدلالة على البعث في كتابه ذكر معه كونه قادرا عالما كقوله : { قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } فقوله : { قل يحييها الذي أنشأها } بيان للقدرة وقوله : { وهو بكل خلق عليم } بيان للعلم والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.