الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٞ لَّا رَيۡبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡعَثُ مَن فِي ٱلۡقُبُورِ} (7)

" وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور " . فنبه سبحانه وتعالى بهذا على أن كل ما سواه وإن كان موجودا حقا فإنه لا حقيقة له من نفسه ؛ لأنه مسخر مصرف . والحق الحقيقي : هو الموجود المطلق الغني المطلق ، وأن وجود كل ذي وجود عن وجوب وجوده ؛ ولهذا قال في آخر السورة : " وأن ما يدعون من دونه هو الباطل " {[11425]}[ الحج : 62 ] . والحق الموجود الثابت الذي لا يتغير ولا يزول ، وهو الله تعالى . وقيل : ذو الحق على عباده . وقيل : الحق بمعنى في أفعاله{[11426]} . وقال الزجاج : " ذلك " في موضع رفع ، أي الأمر ما وصف لكم وبين . " بأن الله هو الحق " أي لأن الله هو الحق . وقال : ويجوز أن يكون " ذلك " نصبا ؛ أي فعل الله ذلك بأنه هو الحق . " وأنه يحيي الموتى " أي بأنه " وأنه على كل شيء قدير " أي وبأنه قادر على ما أراد . " وأن الساعة آتية " عطف على قوله : " ذلك بأن الله هو الحق " من حيث اللفظ ، وليس عطفا في المعنى ؛ إذ لا يقال فعل الله ما ذكر بأن الساعة آتية ، بل لابد من إضمار فعل يتضمنه ، أي وليعلموا أن الساعة آتية " لا ريب فيها " أي لا شك . " وأن الله يبعث من في القبور " يريد للثواب والعقاب .


[11425]:راجع ص 91 من هذا الجزء.
[11426]:في كـ: الحق في أفعاله وفي طـ: "قيل الحق أي بمعنى كذا في أفعاله"