غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٞ لَّا رَيۡبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡعَثُ مَن فِي ٱلۡقُبُورِ} (7)

1

الرابع والخامس قوله { وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور } قال في الكشاف : معناه أنه حكيم لا يخلف ميعاده ، وقد وعد الساعة والبعث فلا بد أن يفي بما وعد . قلت : إن هذا التفسير غير وافٍ فلقائل أن يقول : فحاصل الآيات يرجع إلى قولنا { إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم } بالتدريج وأحيينا الأرض بسبب أنا وعدنا الساعة ووعدنا صادق . وهذا كلام غير منتظم في الظاهر كما ترى ، ولو صح هذا لاستغنى عن التطويل بأن يقال مثلاً : لا تشكوا في أمر البعث فإنه كائن لا محالة . والذي يسنح لي في تفسيره أنه سبحانه أزال الشك في أمر البعث بقوله { إن كنتم في ريب من البعث } فمزيل ريبكم هذان الاستدلالان ، ثم لما كان لسائل أن يسأل لم خلق الإنسان وما يترتب عليه معاشه ؟ فأجيب بأن لهذا الشأن وهو خلق الإنسان أسباباً فاعلية وأسباباً غائية ، أما الأولى فهي أنه تعالى واجب الوجود الحق وأنه قادر على كل مقدور لاسيما إحياء الموتى الذي استدللنا عليه لأنه أهون ، وأن قدرته لا تظهر إلا إذا تعلقت بالمقدور ، فكمال القدرة بالفعل هو أن يتعلق بكل مقدور يصح في القسمة العقلية ، وهذا النوع من المقدور كان ثابتاً في القسمة لأنه واسطة بين العالم العلوي والعالم السفلي وله تعلق بالطرفين وانجذاب إلى القبيلين فوجب في الحكمة والقدرة إيجاده ما يتوقف عليه بقاؤه واستكماله . وأما علته الغائية فهي أن داره الأولى كانت دار تكليف وقد هيأنا له داراً أخرى لأجل الجزاء وذلك لا يحصل إلا بالبعث والنشور . ولعل هذا الموضع مما لم يفسره على هذا الوجه غيري أرجو أن يكون صواباً والله تعالى أعلم بمراده .

/خ22