تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ} (6)

وخص اللّه المشارق بالذكر ، لدلالتها على المغارب ، أو لأنها مشارق النجوم التي سيذكرها ، فلهذا قال : { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى }

ذكر اللّه في الكواكب هاتين الفائدتين العظيمتين :

إحداهما : كونها زينة للسماء ، إذ لولاها ، لكانت السماء جرما مظلما لا ضوء فيها ، ولكن زينها فيها لتستنير أرجاؤها ، وتحسن صورتها ، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر ، ويحصل فيها من المصالح ما يحصل .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ} (6)

قوله تعالى : { إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب } قرأ عاصم ، برواية أبي بكر : ( ( بزينة ) ) منونة ( ( الكواكب ) ) نصب ، أي : بتزييننا الكواكب ، وقرأ حمزة ، وحفص : ( ( بزينة ) ) منونة ، ( ( الكواكب ) ) خفضاً على البدل ، أي : بزينة بالكواكب ، أي : زيناها بالكواكب . وقرأ الآخرون : ( ( بزينة الكواكب ) ) ، بلا تنوين على الإضافة . قال ابن عباس : بضوء الكواكب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ} (6)

ولما كانت المشارق تقتضي الفيض والإظهار ، أتبع ذلك نتيجته بما من شأنه الشروق والغروب ولو بمجرد الخفاء والظهور ، فقال مؤكداً مع لفت الكلام إلى التكلم في مظهر العظمة تنبيهاً على أن فعلهم فعل من ينكر ما للنجوم من الزينة وما تدل عليه من عظمته سبحانه وتعالى ، وفخم التعبير عن الزينة بتضعيف الفعل لمثل ذلك : { إنا زينا } أي بعظمتنا التي لا تدانى { السماء } ولما كانوا لا يرون إلا ما يليهم من السماوات ، وكانت زينة النجوم ظاهرة فيها قال : { الدنيا } أي التي هي أدنى السماوات إليكم .

ولما أشير إلى أن الصف زينة في الباطن باتحاد القصد كما أنه زينة في الظاهر بحسن الشكل وبديع الرصف ، زيد في التنبيه على ذلك بإعادة ما فهم من " زينا " في قوله : { بزينة الكواكب * } أي بالزينة التي للنجوم النيرة البراقة المتوقدة الثابتة في محالها - قارة أو مارة - المرصعة في السماء ترصيع المسامير الزاهرة كزهر النور المبثوث في خضرة الرياض الناضرة ، فهي مع عدم التنوين والخفض إضافة بيانية كثوب خز ، ومن نوّن الزينة فإن خفض الكواكب فعلى البدل ، أي بالكواكب التي هي زينة ، وإن نصب فعلى المدح بتقدير أعني ، أو على أنه بدل اشتمال من السماء ، أي كواكبها ، إما بكونها فيما دونها من الجو فبظن أنها فيها ، أو يكونها فيها من جانبها الذي يلينا ، أو بكونها تشف عنها وإن كان بعضها فيما هو أعلى منها ، وزينتها انتظامها وارتسامها على هذا النظم البديع في أشكال متنوعة وصور مستبدعة ما بين صغار وكبار ، منها ثوابت ومنا سيارة وشوارق وغوارب - إلى غير ذلك من الهيئات التي لا تحصى ، ولا حد لها عند العباد العجزة فيستقصى .