تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوۡمًا عَبُوسٗا قَمۡطَرِيرٗا} (10)

{ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا } أي : شديد الجهمة والشر { قَمْطَرِيرًا } أي : ضنكا ضيقا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوۡمًا عَبُوسٗا قَمۡطَرِيرٗا} (10)

إنا نخاف من ربنا فلذلك نحسن إليكم أو لا نطلب المكافأة منكم يوما عذاب يوم عبوسا تعبس فيه الوجوه أو يشبه الأسد العبوس في ضراوته قمطريرا شديد العبوس كالذي يجمع ما بين عينيه من اقمطرت الناقة إذا رفعت ذنبها وجمعت قرطيها أو مشتق من القطر والميم مزيدة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوۡمًا عَبُوسٗا قَمۡطَرِيرٗا} (10)

ووصف اليوم بعبوس هو على التجوز ، كما تقول ليل نائم أي فيه نوم ، و «القمطرير » والقماطر : هو في معنى العبوس والارتداد ، تقول اقمطر الرجل إذا جمع ما بين عينيه غضباً ، ومنه قول الشاعر [ القرطبي ] : [ الطويل ]

بني عمنا هل تذكرون بلاءنا*** عليكم إذا ما كان يوم قماطر{[11513]}

وقال آخرون :

ففروا إذا ما الحرب ثار غبارها*** ولج بها اليوم العبوس القماطر{[11514]}

وقال ابن عباس : يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه مثل القطران . وعبر ابن عباس عن «القمطرير » بالطويل . وعبر عنه ابن الكلبي بالشديد ، وذلك كله قريب في المعنى .


[11513]:هذا البيت ذكره الفراء شاهدا على أن "القماطر" هو الشديد، وعنه ذكره المفسرون ، كالطبري، والقرطبي، وابن كثير، والشوكاني، وهو أيضا في اللسان، ولم ينسبه أحد إلى قائل معين، ويروى: "هل تدركون" بدلا من "هل تذكرون"، والبلاء: الاجتهاد وحسن الصنيع في الحرب، واليوم القماطر والمقمطر والقمطرير هو الذي يقبض ما بين العينين لشدته، هكذا قال في اللسان.
[11514]:هذا البيت في القرطبي وفتح القدير، والبحر المحيط، , "ثار غبار الحرب" كناية عن اشتداد المعركة واحتدام القتال، ولج في الأمر: تمادى عليه وأبى أن ينصرف عنه، والبيت كسابقه في الاستشهاد، ونسبة العبوس إلى اليوم تجوز، ومثل هذين البيتين قول حذيفة بن أنس الهذلي: بنو الحرب أرضعنا بها مقمطرة ومن يلق منا يلق سيد مدرب والسيد المدرب هو الأسد الضاري.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوۡمًا عَبُوسٗا قَمۡطَرِيرٗا} (10)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا} يعني يوم الشدة. قال الفراء، وأبو عبيدة: هو المنتهى في الشدة.

{قمطريرا} يعنى إذا عرق الجبين فسال العرق بين عينيه من شدة الهول، فذلك قوله: {قمطريرا}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم أنهم يقولون لمن أطعموه من أهل الفاقة والحاجة: ما نطعمكم طعاما نطلب منكم عوضا على إطعامناكم جزاء ولا شكورا، ولكنا نطعمكم رجاء منا أن يؤمننا ربنا من عقوبته في يوم شديد هوله، عظيم أمره، تعبِس فيه الوجوه من شدّة مكارهه، ويطول بلاء أهله، ويشتدّ. والقمطرير: هو الشديد، يقال: هو يوم قمطرير، وذلك أشدّ الأيام وأطوله في البلاء والشدّة، فقال بعضهم: هو أن يعبِس أحدهم، فيقبض بين عينيه حتى يسيل من بين عينيه مثل القطران. يوم يقبّض فيه الرجل ما بين عينيه ووجهه. يُقْبّض الوجه بالبسور.

وقال آخرون: العبوس: الضيق، والقمطرير: الطويل.

وقال آخر: العَبوس: الشرّ، والقَمْطَرير: الشديد.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

[{يوما عبوسا قمطريرا}]؛ فمنهم من جعل هذا نعتا لذلك اليوم، فيكون معناه: أن هذا اليوم، وهو يوم القيامة من بين سائر الأيام، كالإنسان العبوس من بين غيره. ومنهم من صرفه إلى الخلائق، فيكون معنى قوله تعالى: {يوما عبوسا قمطريرا} أي يوما تعبس فيه وجوه الخلائق، لا أن يكون اليوم نفسه عبوسا.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{إنا نخاف من ربنا} يحتمل وجهين:

(أحدهما): أن إحساننا إليكم للخوف من شدة ذلك اليوم لا لإرادة مكافأتكم.

(والثاني): أنا لا نريد منكم المكافأة لخوف عقاب الله على طلب المكافأة بالصدقة. فإن قيل: إنه تعالى حكى عنهم الإيفاء بالنذر وعلل ذلك بخوف القيامة فقط، ولما حكى عنهم الإطعام علل ذلك بأمرين بطلب رضاء الله وبالخوف عن القيامة فما السبب فيه؟

قلنا: الإيفاء بالنذر دخل في حقيقة طلب رضاء الله تعالى، وذلك لأن النذر هو الذي أوجبه الإنسان على نفسه لأجل الله فلما كان كذلك لا جرم ضم إليه خوف القيامة فقط، أما الإطعام، فإنه لا يدخل في حقيقة طلب رضا الله، فلا جرم ضم إليه طلب رضا الله وطلب الحذر من خوف القيامة.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 9]

إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا).. فهي الرحمة الفائضة من القلوب الرقيقة الرفيقة، تتجه إلى الله تطلب رضاه. ولا تبتغي بها جزاء من الخلق ولا شكرا، ولا تقصد بها استعلاء على المحتاجين ولا خيلاء. كما تتقي بها يوما عبوسا شديد العبوس، تتوقعه وتخشاه، وتتقيه بهذا الوقاء. وقد دلهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عليه وهو يقول: "اتق النار ولو بشق تمرة".. وقد كان إطعام الطعام هكذا مباشرة هو وسيلة التعبير عن هذه العاطفة النبيلة الكريمة، ووسيلة الإشباع لحاجات المحاويج. ولكن صور الإحسان ووسائله قد تتغير بحسب البيئات والظروف، فلا تظل في هذه الصورة البدائية المباشرة. إلا أن الذي يجب الاحتفاظ به هو حساسية القلوب، وحيوية العاطفة، والرغبة في الخير ابتغاء وجه الله، والتجرد عن البواعث الأرضية من جزاء أو شكر أو نفع من منافع الحياة! ولقد تنظم الضرائب، وتفرض التكاليف، وتخصص للضمان الاجتماعي، ولإسعاف المحاويج، ولكن هذا إنما يفي بشطر واحد من مزايا الاتجاه الإسلامي الذي ترمز إليه تلك الآيات، والذي توخاه بفريضة الزكاة.. هذا الشطر هو كفاية حاجة المحتاجين.. هذا شطر.. والشطر الآخر هو تهذيب أرواح الباذلين، ورفعها إلى ذلك المستوى الكريم. وهو شطر لا يجوز إغفاله ولا التهوين من شأنه فضلا على أن تنقلب المعايير فيوصم ويقبح ويشوه، ويقال: إنه إذلال للآخذين وإفساد للواهبين. إن الإسلام عقيدة قلوب، ومنهج تربية لهذه القلوب. والعاطفة الكريمة تهذب صاحبها وتنفع من يوجهها إليه من إخوانه. فتفي بشطري التربية التي يقصد إليها هذا الدين. ومن ثم كان ذلك التصوير الكريم لذلك الشعور الكريم.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجملة {إنا نخاف من ربنا} إلى آخرها واقعة موقع التعليل لمضمون جملة {لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً}. والمعنى: إنهم يقولون ذلك لهم تأنيساً لهم ودفعاً لانكسار النفس الحاصل عند الإِطعام، أي ما نطعمكم إلاّ استجابة لما أمر الله، فالمطعم لهم هو الله. فالقول قول باللسان، وهم ما يقولونه إلاّ وهو مضمر في نفوسهم.