تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ فَتَنَّا قَبۡلَهُمۡ قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَ وَجَآءَهُمۡ رَسُولٞ كَرِيمٌ} (17)

{ 17-33 } { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ }إلى آخر القصة

{[781]} لما ذكر تعالى تكذيب من كذب الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم ذكر أن لهم سلفا من المكذبين ، فذكر قصتهم مع موسى وما أحل الله بهم ليرتدع هؤلاء المكذبون عن ما هم عليه فقال : { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ } أي : ابتليناهم واختبرناهم بإرسال رسولنا موسى بن عمران إليهم الرسول الكريم الذي فيه من الكرم ومكارم الأخلاق ما ليس في غيره .


[781]:- في نسخة (ب) ذكر الآيات كاملة.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ فَتَنَّا قَبۡلَهُمۡ قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَ وَجَآءَهُمۡ رَسُولٞ كَرِيمٌ} (17)

ولما كان التقدير : لفقد فتناهم بإرسالك إليهم ليكشف ذلك لمن لا يعلم الشيء إلا بعد وقوعه عما نعلمه{[57394]} في الأزل ، وفيما لا يزال{[57395]} ولم يزل ، من بواطن أمورهم ، فتقوم الحجة على من خالفنا على مقتضى عاداتكم{[57396]} ، عطف عليه محذراً لقريش ومسلياً للنبي صلى الله عليه وسلم قوله : { ولقد فتنا } أي فعلنا على ما لنا من العظمة فعل الفاتن وهو المختبر{[57397]} الذي يريد أن يعلم حقيقة الشيء بالإملاء والتمكين ثم الإرسال{[57398]} .

ولما كان من المعلوم أن قوم فرعون لم يستغرقوا الزمان ولا كانوا أقرب الناس زماناً إلى قريش ، نزع الجار قبل الظرف لعدم{[57399]} الإلباس أو أنه عظم فتنتهم لما كان لهم من العظمة والمكنة ، فجعلها لذلك كأنها مستغرقة لجميع الزمان فقال : { قبلهم } أي قبل هؤلاء العرب ليكون ما مضى من خبرهم عبرة لهم وعظة .

ولما كان فرعون من أقوى من جاءه رسول قبلهم بما كان له من الجنود والأموال والمكنة ، {[57400]}وكان{[57401]} الرسول الذي أتاه قد جمع له - صلى الله عليه وسلم - {[57402]}الآيات التي اشتملت على التصرف في العناصر الأربعة . فكان{[57403]} فيها الماء والتراب والنار والهواء ، وكانوا إذا{[57404]} أتتهم الآية قالوا : يا أيها الساحر ! ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون ، فإذا{[57405]} كشف عنهم ذلك عادوا{[57406]} إلى ما كانوا عليه كما أخبر تعالى عن هؤلاء عند مجيء الدخان - إلى [ غير-{[57407]} ] ذلك مما شابهوهم فيه من الأسرار{[57408]} التي كشفها هذا المضمار ، وكان آخر ذلك أن{[57409]} أهلكهم أجمعين ، فكانوا أجلى مثل لقوله تعالى في التي قبلها

{ فأهلكنا أشد منهم بطشاً }[ الزخرف : 8 ] خصهم بالذكر من [ بين-{[57410]} ] المفتونين قبل فقال : { قوم فرعون } أي مع فرعون لأن ما كان فتنة لقومه كان فتنة له{[57411]} لأن الكبير أرسخ في الفتنة بما أحاط{[57412]} به من الدنيا{[57413]} ، وسيأتي التصريح به في آخر القصة { وجاءهم } أي المضافين والمضاف إليه{[57414]} في [ زيادة-{[57415]} ] فتنتهم { رسول كريم } أي يعلمون شرفه نسباً وأخلاقًا وأفعالاً ، ثم زاد بيان كرمه بما {[57416]}ظهر لله{[57417]} به من العناية بما أيده به من المعجزات .


[57394]:من مد، وفي الأصل و ظ: فعله.
[57395]:من ظ ومد، وفي الأصل: لا يزال.
[57396]:من مد، وفي الأصل و ظ: عوايدكم.
[57397]:من مد، وفي الأصل و ظ: المخبر.
[57398]:من مد، وفي الأصل و ظ:بالإرسال.
[57399]:من مد، وفي الأصل و ظ: نظرا إلى.
[57400]:من مد، في الأصل و ظ: فكان.
[57401]:من مد، في الأصل و ظ: فكان.
[57402]:زيد في الأصل و ظ: علم. ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[57403]:من مد، وفي الأصل و ظ: فكانوا.
[57404]:من ظ ومد، وفي الأصل: لما.
[57405]:من مد، وفي الأصل و ظ: فلما.
[57406]:من ظ ومد، وفي الأصل: حادوا.
[57407]:زيد من مد
[57408]:في مد: الأشرار.
[57409]:سقط من مد.
[57410]:زيد من ظ ومد.
[57411]:في مد: لهم.
[57412]:في مد: أحاطه.
[57413]:من ظ ومد، وفي الأصل: الدين.
[57414]:من ظ ومد، وفي الأصل: إليهم.
[57415]:زيد من ظ ومد.
[57416]:من ظ ومد، وفي الأصل: أظهر الله.
[57417]:من ظ ومد، وفي الأصل: أظهر الله.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ فَتَنَّا قَبۡلَهُمۡ قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَ وَجَآءَهُمۡ رَسُولٞ كَرِيمٌ} (17)

قوله تعالى : { ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون وجآءهم رسول كريم 17 أ دّوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين 18 وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين 19 وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون 20 وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون 21 فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون 22 فأسر بعبادي ليلا إنكم متّبعون 23 واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون 24 تركوا من جنات وعيون 25 وزروع ومقام كريم 26 ونعمة كانوا فيها فاكهين 27 كذلك وأورثناها قوما آخرين 28 فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين 29 ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين 30 من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين 31 ولقد اخترناهم على علم على العالمين 32 وآتيناهم من الأيات ما فيه بلاؤ مبين } .

ذلك إخبار من الله عما نزل بفرعون وقومه المجرمين من البلاء العظيم ، بعد أن أنذرهم موسى عليه السلام وحذرهم بطش الله وشديد عقابه في الدنيا والآخرة . لكن فرعون علا في الأرض وتجبر واستكبر ، واصطنع لنفسه من فظاعة الكفر- بدعوى الألوهية- ما يثير في النفس السخط والاشمئزاز ويستوجب من الله المقت والغضب ، فأخذه الله وملأه وجنوده أخذة شديدة أليمة قطعت دابرهم بالكلية . وهو قوله سبحانه : { ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون } أي امتحنا وابتلينا قوم فرعون من القبط من قبل هؤلاء المشركين من قومك يا محمد فقد { جآءهم رسول كريم } أي أرسلنا إليهم رسولنا موسى وهو كريم على ربه ، إذ اختصه بالنبوة والرسالة . وقيل : كريم الأخلاق بطول الصبر والاحتمال والصفح .