تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هَٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (39)

وقلنا له : { هَذَا عَطَاؤُنَا } فَقَرَّ به عينا { فَامْنُنْ } على من شئت ، { أَوْ أَمْسِكْ } من شئت { بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي : لا حرج عليك في ذلك ولا حساب ، لعلمه تعالى بكمال عدله ، وحسن أحكامه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{هَٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (39)

ولما كان ذلك ملكاً عظيماً ، نبه على عظمته بكثرته ودوامه وعظمة مؤتيه فقال مستأنفاً بتقدير : قلنا له ونحوه : { هذا } أي الأمر الكبير { عطاؤنا } أي على ما لنا من العظمة ؛ ثم سبب عن ذلك إطلاق التصرف الذي هو أعظم المقاصد ، فكم من مالك لشيء وهو مغلول اليد عن التصرف فيه ، فقال بادئاً بما يوجب الحب ويقبل بالقلوب دالاً على عظمته وظهور أمره بفك الإدغام : { فامنن } أي أعط من شئت عطاء مبتدئاً من غير تسبب من المعطي : { أو أمسك } أي عمن شئت .

ولما كان هذا عطاء يفوت الوصف عظمه ، زاده تعظيماً بكثرته وتسهيله وسلامة العاقبة فيه فقال : { بغير } أي كائناً كل ذلك من العطاء والمن خالياً عن { حساب * } لأنك لا تخشى من نقصه وربك هو المعطي والآمر ، ولا من كونه مما يسأل عنه في الآخرة لأنه قد أذن لك ، فنفي الحساب عنه يفيد شيئين الكثرة وعدم الدرك في إعطاء أو منع ، وجعله مصدراً مزيداً يفهم أنه إنما ينفي عنه حساب يعتد به لا مطلق حسب بالتخمين كما يكون في الأشياء التي تعيي الحاصر فيقرب أمرها بنوع حدس .