تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمۡ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ} (20)

{ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ } أي : مقرهم ومحل خلودهم ، النار التي جمعت كل عذاب وشقاء ، ولا يُفَتَّرُ عنهم العقاب ساعة .

{ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا } فكلما حدثتهم إرادتهم بالخروج ، لبلوغ العذاب منهم كل مبلغ ، ردوا إليها ، فذهب عنهم روح ذلك الفرج ، واشتد عليهم الكرب .

{ وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } فهذا عذاب النار ، الذي يكون فيه مقرهم ومأواهم ، وأما العذاب الذي قبل ذلك ، ومقدمة له وهو عذاب البرزخ ، فقد ذكر بقوله : { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمۡ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ} (20)

{ فذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون } الذي نعت بالعذاب ، ولذلك أعاد عليه الضمير المذكور في قوله به .

فإن قيل : لم وصف هنا العذاب وأعاد عليه الضمير ، ووصف في سبأ النار وأعاد عليها الضمير ، وقال : { عذاب النار التي كنتم بها تكذبون } ؟ فالجواب من ثلاثة أوجه : الأول : أنه خص العذاب في السجدة بالوصف اعتناء به لما تكرر ذكره في قوله : { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } .

الثاني : أنه قدم في السجدة ذكر النار ، فكان الأصل أن يذكرها بعد ذلك بلفظ الضمير ، لكنه جعل الظاهر مكان المضمر فكما لا يوصف المضمر لم يوصف ما قام مقامه وهو النار ، ووصف العذاب ولم يصف النار .

الثالث : وهو الأقوى أنه امتنع في السجدة وصف النار فوصف العذاب ، وإنما امتنع وصفها لتقدم ذكرها ، فإنك إذا ذكرت شيئا ثم كررت ذكره لم يجز وصفه ، كقولك : رأيت رجلا فأكرمت الرجل ، فلا يجوز وصفه لئلا يفهم أنه غيره .