غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمۡ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ} (20)

وإنما قيل ههنا { عذاب النار الذي كنتم به } وفي " سبأ " { عذاب النار التي كنتم بها }

[ الآية : 42 ] لأن النار في هذه السورة وقعت موقع الكناية لتقدم ذكرها ، والكنايات لا توصف فوصف العذاب . وفي " سبأ " لم يتقدم ذكر النار فحسن وصف النار .

وتكذيبهم العذاب هو أنهم كانوا يقولون في الدنيا إنه لا عذاب في الآخرة ، ويحتمل أن يراد بالتكذيب أنهم يقولون في الآخرة أول ما تأخذهم النار أنه لا عذاب فوق ما نحن فيه ، فإذا زاد الله لهم ألماً على ألم وهو قوله { كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها } صاروا كاذبين فيما زعموا أنه لا عذاب أزيد مما هم فيه ، وعلى هذا يمكن أن يراد بالخروج منها والإعادة فيها هو أن أبدانهم تألف النار وتتعودها فيقل الإحساس بها فيعيد الله عليهم إحساسهم الأول فيزيد تألمهم ، ومن هنا قالت الحكماء : إن الإحساس بحرارة حمى الدق أقل من الإحساس بحرارة الحمى البلغمية مع أن نسبة الدق إلى الثانية نسبة النار إلى الماء المسخن ، ونظيره أن الإنسان يضع يده في الماء البارد فيتألم أولاً ، ثم إذا صبر زماناً طويلاً زال ذلك الألم وذلك لبطلان حسه .

/خ30