فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمۡ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ} (20)

{ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا } أي خرجوا عن طاعة الله ؛ وتمردوا عليه وعلى رسله بالكفر والتكذيب ، واعلم أن العمل الصالح له مع الإيمان تأثير فلذلك قال : آمنوا وعملوا الصالحات ، وأما الكفر فلا التفات إلى الأعمال معه ، فلهذا لم يقل وعملوا السيئآت ، لأن المراد من قوله فسقوا كفروا ، ولو جعل العقاب في مقابلة الكفر والعمل ؛ لظن أن مجرد الكفر لا عقاب عليه { فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ } أي منزلهم الذي يصيرون إليه ، ويستقرون فيه هو النار .

{ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا } أي إذا أرادوا الخروج منها أعيدوا إليها راغمين مكرهين ، وقيل إذا دفعهم اللهب إلى أعلاها ردوا إلى مواضعهم ، وكلمة { في } للدلالة على أنهم مستقرون فيها ، وإنما الإعادة من بعض طبقاتها إلى بعض .

{ وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ } والقائل لهم هذه المقالة هم خزنة جهنم من الملائكة أو القائل لهم هو الله عز وجل وفي هذا القول لهم حال كونهم قد صاروا في النار من الإغاظة لهم ما لا يخفى وهذا دليل على أن المراد بالفاسق الكافر إذ التكذيب يقابل الإيمان .